الملف الإخباري- في تصريح نشر بالأمس؛ لوزير التعليم العالي والبحث العلمي المخضرم الأسبق والسابق الدكتور وجيه عويس قال فيه وأقتبس” أن تصنيف الجامعات عالميا يهدف إلى معرفة نجاحها على المستوى المحلي والعالمي، وإن التصنيف تسويق للجامعات ليست من الناحية المادية، بل من ناحية علمية بحتة، لاستقطاب الطلبة المميزين فضلا عن استقطاب كوادر أكاديمية ذات كفاءة عالية، مشددا على أهمية أن تكون الجامعة رافدا أساسيا لنهضة اقتصاد أي بلد. وبخصوص مدى تقدم الأردن في مجال البحث العلمي، أضاف “أنا شخصيا غير مقتنع أن الأردن تقدم خلال العشر سنوات الماضية في هذا الخصوص”. وأضاف ؛ إن البحث العلمي يجدر أن ينتقل إلى مرحلة التصنيع، لرفد الاقتصاد الأردني بقدرات، مشيرا إلى أنه تم تقديم خطط قبل 8 سنوات، إلا أنها لم تطبق.”. إنتهى الإقتباس.
وكنت كتبت بذلك منذ سنوات، وأكرر ما كتبته لعل وعسى أن يحدث الله أمرا… ويتنبه صناع قرار التعليم العالي في بلدنا لعمل شيء… يعلق جرس البحث العلمي المنشود.
وتطالعنا الأخبار في السنوات الأخيرة وتتناقل وسائل الإعلام التهاني لبعض الزملاء الباحثين في جامعاتنا الأردنية، لورود اسمائهم ضمن قاعدة بيانات الباحثين العلمية المحدثة لمؤشرات الاقتباس، التي اصدارتها جامعة ستانفورد (وهي جامعة أمريكية بحثية خاصة تأسست عام 1885 وقد أنطلق منها وادي السيلكون في الستينات من القرن الماضي) قائمة لأعلى 2٪ من علماء العالم” وهي قائمة نتاج بحثي لطلبة الجامعة نشرت من خلال مشرفهم واستمرت بالصدور، وتشير إلى الأبحاث والباحثين الأكثر استشهادًا في مختلف التخصصات وعددهم حوالي 160 ألف عالم وباحث من 149 دولة اعتماداً على قاعدة بيانات Scopus في 22 تخصص علمي و 176 تخصص فرعي للباحثين الذين نشروا ما لا يقل عن 5 أوراق بحثية. وقد احتوت هذه القائمة على 34 باحث اردني عام 2020 وزاد الرقم أو نقص بعد ذلك..! وعلى 396 باحث مصري، وطبعا نفتخر بجميع العلماء والباحثين اردنيين أو عرب، لكن ومن خلال إستعراض الأسماء في جامعاتنا الأردنيةومعرفتنا ببعض الزملاء نجد أن غالبية الباحثين تميزوا من خلال جهودهم الفردية الذاتية، أو تعاونهم وبشكل فردي وذاتي أيضا مع علماء وباحثين من جامعات ومراكز بحثية عالمية، ولو سألناهم عن دور جامعاتهم الأم في أبحاثهم لقالوا لنا لا يوجد وإن وجد فهو محدود جداً، عدا عن الإحباطات التي يتعرضون لها من إداراتهم..!، وحرفية وعقم التشريعات للبحث العلمي ناهيك عن تخلف البحث العلمي ودعمه محلياً، إضافة لعدم وجود أثر يذكر لهذه الأبحاث على خططنا التنموية أو الأولويات البحثية للدولة أي أن معظم البحوث نظرية لم تصل لمجال التطبيق وهو الهم في البحث العلمي، حتى أن الأرقام التي يتغنى بها بعض رؤساء الجامعات لدعم البحث العلمي سابقاً ولاحقاً هي وهمية ومحض كذب واضح، فما زال الإنفاق على البحث العلمي في بلدنا وجامعاتنا رقم هزيل جداً، ولو تتبعنا ميزانياته التفصيلية لوجدنا أن جل المصروفات لسفرات سياحية للرئيس ومرافقيه بأسم المؤتمرات والبحث العلمي… ! أو مكافآت ومصاريف إدارية… والناتج العلمي صفر غالباً..!، عدا عن بعض المصروفات الأخرى التي تُحمَل للبحث العلمي زوراً وبهتاناً أو كيفما اتفق، للوصول للنسبة التي يفرضها صندوق البحث العلمي على الجامعات، واسترداد الفرق إن وجد، وفي النهاية نصل لأرقام هزيلة أو معدومة ومخجلة للنفقات الفعلية على البحث العلمي، مع ان (نسب الإنفاق من الأموال المرصودة للبحث العلمي سواء من الصندوق أو ميزانية الجامعات لا يصرف منه بالمعدل أكثر من 20% وكتبت وبالارقام عن ذلك سابقاً)، من هنا أجد أن على بعض جامعاتنا ورؤسائها أن لا يسهبوا في التباهي ببطولات هي براء منهم، فلا مراكز بحثية فاعلة ولا مجموعات بحثية محلية، البحث العلمي ليس جهد فردي فقط، بل حواضن وبيئات بحثية وسياسات وأستراتيجيات وطنية وجامعية إضافة لدعم مادي مناسب، ولكم ان تتندروا على بعض تعليمات البحث والترقية في بعض جامعاتنا والتي تسيدها أحدهم… والتي تعطي الوزن الأكبر للبحوث الفردية، وتُحبِط وتحد من المجموعات البحثية، بحجج واهية صفيقة لا تصنع بيئة بحثية، وبعض إدارات الجامعات تركت كل شيء وصارت تبحث عن بطولات وتصنيفات عالمية (ولو بالدفع من تحت الطاولة… أو من بلد الإهرامات كما سمعنا.
حدث سابقاً… ونتمنى أن لا يحدث لاحقاً..!)
البحث العلمي يا سادة اولى أولويات الدول المتقدمة، وأكبر مؤشر على البحث العلمي هو ميزانيات الإنفاق عليه، وهو مجال تنافس الكثير من البلدان المتقدمة، ومن خلال إحصائيات اليونسكو عن الدول التي تنفق ما يزيد عن 100 مليار دولار سنويا على عملية البحث العلمي والتطوير ، وتتصدرها أمريكا وتليها الصين ، ثم اليابان ، وتأتي ألمانيا في المركز الرابع ، ويليهم في الترتيب: كوريا الجنوبية ، فرنسا ، الهند ، المملكة المتحدة ، البرازيل ، روسيا . وأظهرت بيانات معهد اليونسكو أن الولايات المتحدة الأمريكية تُشَغِل ما يقارب 4295 باحثا سنويا لكل مليون نسمة ، مقابل 1096 باحثا في الصين رغم تعداد سكانها، مما يؤكد سيطرة أمريكا على حقل البحث العلمي والتطوير، إذا عرفنا أنها وبمفردها تنفق ما نسبته 27% من إجمالي الإنفاق العالمي، وهو ما يزيد بكثير عن إنفاق آخر مائة دولة في ميزانيات الإنفاق في العالم. وعربيا نجد أن ميزانيات الإنفاق على البحث والتطوير تتصدرها السعودية ، ثم مصر والإمارات والمغرب وقطر والكويت وتونس..إلخ، وننوه أن الإنفاق جله على تطوير البنى التحتية، والبحث العلمي يأخذ نسب لا تقارن بالدول المتقدمة. وبلغة الأرقام أظهرت إحصائيات اليونسكو للإنفاق على البحث العلمي السنوي تصدر عشر دول سجلت ما نسبته 80% من حجم الإنفاق العالمي السنوي، بمبلغ 1,7 تريليون دولار وهي : “أمريكا” 476,46 مليار دولار سنوياً. “الصين” 370,59 مليار دولار سنوياً. “اليابان ” 170,51 مليار دولار سنوياً. “ألمانيا” 109,80 مليار دولار سنوياً. “كوريا الجنوبية” 73,19 مليار دولار سنوياً. ” فرنسا” 60,78 مليار دولار سنوياً. “الهند” 48,06 مليار دولار سنوياً. “المملكة المتحدة” 44,16 مليار دولار سنوياً. “البرازيل” 42.12 مليار دولار سنوياً. “روسيا” 39.83 مليار دولار سنوياً. أما إحصائيات الدول الأقل إنفاقا على التطوير والبحث العلمي سنوياً فهي: “كازاخستان” 0,025 مليار دولار سنوياً. “بروناي” 0,010 مليار دولار سنوياً. “هندوراس” 0,009 مليار دولار سنوياً. “بروندي” 0,008 مليار دولار سنوياً. “برمودا” 0,008 مليار دولار سنوياً. “مدغشقر” 0,005 مليار دولار سنوياً. “سيشل” 0,004 مليار دولار سنوياً. “غامبيا” 0.004 مليار دولار سنوياً. “الرأس الأخضر” 0,002 مليار دولار سنوياً. “ليسوتو” 0,001 مليار دولار سنوياً. أما إحصائيات البلدان العربية في الإنفاق على البحث العلمي والتطوير السنوية: “السعودية” 12,513 مليار دولار سنوياً. “مصر” 6,116 مليار دولار سنوياً. “الإمارات” 4,250 مليار دولار سنوياً. “المغرب” 1,484 مليار دولار سنوياً. “قطر” تنفق 1,280 مليار دولار سنوياً. “الكويت” 832. مليار دولار سنوياً. “تونس” 0,828 مليار دولار سنوياً. “عُمان” 0,337 مليار دولار سنوياً. “الأردن” تنفق 0,263 مليار دولار سنوياً . “الجزائر” 0,241 مليار دولار سنوياً. “فلسطين” 0,096 مليار دولار. ومن هذه الأرقام المتواضعة وهي حسب إحصاءهات اليونسكو، يجب أن نخجل من الحديث عن البحث العلمي، فالبحث العلمي ليس فزعة، أو أحاديث للإستهلاك والكذب على الناس..! العالم والمؤسسات الدولية تراقب، وتقول لنا أن إنفاقنا على البحث العلمي والتطوير في ادنى حالاته ولا يذكر مع الدول المتقدمة، القضية ليست مجرد وجود علماء..! بل وجود دعم وبيئات بحثية وقاعدة صناعية ومراكز أبحاث وميزانيات ضخمة، فكيف نطلب من عضو هيئة تدريس؛ البحث والتميز وهو مثقل باعباء التدريس واللجان ولا يوجد أي بنية تحتية للبحث أو خدمات بحثية ولا مختبرات وإن وجد فغالبيتها قديمة جدا تصلح لوضعها في المتاحف… ! هذا واقع أعرفه، ثم نطلب من عضو هيئة التدريس من خلال تعليمات عقيمة تفرض عليه أن ينافس أعضاء هيئة التدريس في جامعة ستانفورد… ! الرقم 34 للباحثين من الأردن الذين ظهرت أسمائهم في قائمة جامعة ستانفورد والتي فيها 176 ألف باحث من العالم، يظهر فشل جامعاتنا ونظام التعليم العالي لدينا وتخلفه عن ركب العالمية باستحقاق… !، وكما سبق فليس لجامعاتنا أو إداراتها ولا لإدارات التعليم العالي ان تتسابق وتفتخر…، لأنها لم تصنعهم… بل كما سبق وأشرت بالغالب جهودهم الفردية والدعم والتعاون الخارجي مع جامعات أو مراكز بحوث أو تمويل، مع احترامنا وتقديرنا لتميز الزملاء وجهودهم، ولكن قارنوا معي 34 باحث من 176000باحث هم نسبة ال 2% من 149 دوله، ومن ما يقارب 12000 عضو هيئة تدريس في الجامعات الأردنية ، لنقولها ونجلد ذاتنا… الجامعات والتعليم العالي والسياسات الحكومية فشلت فشلاً ذريعا لتاريخه في البحث العلمي واؤكد على تصريح الدكتور عويس… فالشمس لا تغطى بغربال..!، كتبت كثيرا عن ذلك، وكتبت أنه لتاريخه لا يوجد إستراتيجية وطنية للبحث العلمي ولكن توجد وزاره… ! وإن وجدت في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشريه التي اتعبناها إعداداً وفي التطبيق وضعناها في الارشيف..!، والتي خطط لنهايتها في 2025 فلتنشر جامعة اردنية واحدة أو وزارة التعليم العالي الخطة التنفيذيةلما تم إنجازه من 2016 بداية الاستراتيجية لتاريخة… ! أكتب لنتطور لا لمجرد النقد وجلد الذات، ما زلنا على الشاطئ… شاطئ الاحلام… لم نصل المياه بعد، ويأتيك من يتفاخر بعالميته وأوهامه ويسوِق الكذب، لم أسمع عن مسؤول واحد لتاريخه يتجرأ ويتكلم عن إخفاقاته… !، فلو جمعت تصريحات جميع المسؤولين لدينا، فيجب أن تكون النتيجة أننا الأفضل في العالم… ! ولكن الحقيقة التي تصفعنا كل يوم… موجعة..فهل نخرج من قمم ترحيل المشكلات أو افتعالها… ونؤسس لتطوير شامل لتعليمنا العالي وملفاته والبحث العلمي من أهمها… بعد أن نغلق ملف رؤساء الجامعات العتيد تقييماً وتعييناً…واللهاث خلف التصنيفات دون بصمة على الواقع… نرجو ذلك… .حمى الله الأردن
زر الذهاب إلى الأعلى