الصوت العالي والفعل الواطي
ممدوح النعيم
على الرغم من الاضطهاد والقتل والاعتقال والتشريد الذي عانى منه الشعب السوري من حكم الأسد، ما زالت هناك أصوات تدافع عنه ولا ترى في معاناة الشعب السوري إلا رد فعل حكومي على مجموعات من المعارضة لها ارتباطات بدول معادية لمحور المقاومة والممانعة، وسوريا هي مركز هذا المحور.
إن تحليل مواقف مؤيدي نظام الأسد ضرورة أدبية وسياسية يتم من خلالها تحديد الأسباب والدوافع التي تدفع البعض إلى الدفاع عن نظام الأسد رغم كل ما تكشف من حقائق مؤلمة.
عند مراجعة خطابات وم واقف مؤيدي نظام الأسد على المستوى السياسي والفكري والاجتماعي، نجد ما يلي:
غالبية المؤيدين للنظام الأسدي يعتمدون على مضمون الخطاب الرسمي الذي يتناول بشار الأسد في خطاباته المختلفة، إضافة إلى اعتمادهم كمرجعية على الإعلام الرسمي كإعلام تعبوي لصالح المقاومة ومفاهيم الممانعة. وهو خطاب أحادي الطرح يرفض الرأي الآخر بل ويخونه، ولا يقبل بوجهات النظر، مما يجعل المؤيدين في موقف محرج عند المحاججة والحوار في الشأن السياسي.
هذا الواقع جعل من المؤيدين لنظام الأسد مدافعين عن الانتهاكات التي تمارس بحق الشعب السوري، خاصة المعارضة، وتبرير استخدام العنف ضد المعارضين بحجة الحفاظ على أمن ووحدة واستقرار سوريا التي تقف في وجه المؤامرات التي تحيكها الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. وهذا الموقف أصبح في مهب الريح أمام الحقائق التي تتكشف وأمام منظمات حقوق الإنسان التي لم تعد تصدق ما يدافعون عن نظام الأسد.
لا يملك مؤيدو الأسد بدائل فكرية وآفاق سياسية محايدة أو مستقلة، لأنهم في خضوع تام لسيطرة الإعلام المتقوقع على خطاب يتخذ من العروبة منطلقًا ومن المقاومة والممانعة وسيلة، إضافة إلى خطابات القائد التي تعد مرجعية يعتمدون عليها في التحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والقومي. لذلك يرفض كثير من المؤيدين المعارضة أو البدائل السياسية دون تقديم حلول عملية للمشكلات الاقتصادية، الاجتماعية، أو السياسية التي تواجه الشعب السوري، مما يجعل خطابهم تبريريًا دفاعيًا.
ومن الطبيعي أن يقع هؤلاء المؤيدون في حالة من التناقض في المواقف، ففي الوقت الذي يرفعون فيه شعار “المقاومة والممانعة”، يتجاهل المؤيدون تقاعس النظام عن الرد على الضربات الإسرائيلية المتكررة. وهذا التناقض يضعف مصداقيتهم أمام الجمهور المعارض والمحايد.
وهناك شريحة من المؤيدين مرتبطة بالنظام بسبب مصالح اقتصادية أو وظيفية. وهذا يجعل دعمهم للنظام يبدو مصلحيًا وليس مبدئيًا، مما يقلل من قدرتهم على الدفاع عن النظام.
لقد عزز إعلام النظام ومؤيدوه ثقافة وفكرة أن بقاء نظام الأسد يعني بقاء الدولة السورية. وهذا النمط من السلوك أوجد حالة من التبعية للشخص إلى حد التقديس بدلاً من التركيز على المؤسسات. وهذا الموقف يجعلهم غير قادرين على تقبل فكرة انتقال السلطة أو الإصلاح السياسي.
نقاط ضعف مؤيدي النظام تنبع غالبًا من ارتباطهم العاطفي أو المصلحي بالنظام، إلى جانب اعتمادهم على خطاب أحادي الجانب يفتقر إلى الانفتاح على وجهات النظر الأخرى أو الاعتراف بالمشكلات الحقيقية التي تواجه سوريا.
نتج عن كل ذلك حكم الفرد المطلق وغطاء الحزب الواحد وتوظيفه لغايات ليس لها علاقة بمبادئ وأهداف حزب البعث في الوحدة والحرية وشعار “أمة عربية ذات رسالة خالدة”، وبالتالي الذهاب إلى نهاية حكم الفرد وسقوط أدواته.