مقالات

الفطر الأسود والكورونا “

د. الصيدلانية _طيب فاروسي

الفطريات موجودة في كل مكان ومنذ بدء الخليقة على كوكب الارض حالها حال

الفيروسات، وهي كائنات انتهازية تتعايش ونتعايش معها دائما وتشاركنا في حياتنا (

بيوتنا والمحيط الخارجي بنا )…

من أنواع الفطريات التي تم انتشارها حديثا وبسرعة كبيرة في بعض البلاد المنتشر فيها

وباء الكورونا ( مثل الهند ومصر وبعض أجزاء في الصين وبلاد أخرى ولكن بشكل أقل

بكثير ) الفطر الأسود والابيض والأصفر ولكن اكثرهم انتشاراً وفي عدد الاصابات والوفيات

هو الفطر الأسود.

الفطر الأسود :

موجود في التربة والسماد الكيماوي والاطعمة التالفة وجدران البيوت التي فيها رطوبة

وتسريب للمياه داخلها والمياه الآسنة والمواد العضوية المتحللة ( الأوراق المتعفنة )

والغبار الذي يسببه هدم البيوت والركام الناتج عنها وأجهزة ترطيب الهواء وقوارير

الاوكسيجين ( في البيوت والمشافي ) وأجهزة التكييف، إذن هو أساساً موجود حولنا

وفي كل مكان ( سنويا هناك رصد ل 100 حالة مرض فطر أسود من بين مليون شخص )

وهو ليس مرتبط فقط بمرض الكورونا أبدا ولكن لوحظ انتشاره بشكل كبير لدى بعض

مرضى الكورونا سواء من كان منهم في البيوت أو في المشافي أو حتى بعد خروجهم

منها.
مرض الفطر الأسود يرتبط بقلًة النظافة وبنقص مناعة الانسان وحالته الصحية والأمراض

المصاب بها ومكان الاصابة والالتهاب والبيئة والمحيط الذي يعيش فيه، يمكن ان يصيب

أي جزء من الجسم ولكن اصابة الوجه هي الأكثر خطورة رغم ندرتها لانها نهاية قد تؤدي

الى اصابة اعصاب العين وتلف الدماغ وبالتالي استئصال الأجزاء المصابة أو الموت.

الفطر الأسود لا ينتقل بالعدوى من انسان الى انسان ( هو غير معدي بهذه الطريقة أبداً

) فاذا كان هناك انسان مصاب في البيت فليس هناك خوف من اصابة باقي أفراد العائلة

لانه لا ينتقل بالسلام أو النفس من شخص الى آخر.

آلية الاصابة بالمرض :
إن استنشاق أبواغ الفطريات الموجوده في كل مكان خاصة في الاماكن الرطبة والتربة

وغيار البيوت المهدمة والركام والمياه الراكدة يسبب دخولها وتغلغلها داخل الانف حيث

تخرب الاوعية الدموية وتصل عظمة مثقّبة موجودة في الانف فتنخرها وبالتالي تصل

للدماغ الموجود فوق هذه العظمة فتدمر الأعصاب الدماغية ومنها اعصاب العين وتسبب

الأضرار الخطيرة فيها وفي الدماغ وهذه حالات نادرة جدا الحدوث.

من الاسباب التي ساعدت على انتشار مرض الفطر الأسود مترافقا مع مرض الكورونا :

الكورونا كما هو معروف يصيب بأعراض حادة من هم ضعيفي المناعة وبالتالي علاج

هؤلاء المرضى بشكل مكثف وطويل وغير المنتظم ومن غير اشراف طبي بالمضادات

الحيوية واسعة الطيف والأدوية مثبطة للمناعة مثل الكورتيستيروئيدات ( الكورتيزونات)

يزيد فرص خطورة الاصابة بهذا المرض خاصة اذا كان هؤلاء المرضى مصابون بالسكري

أو مرضى ايدز والسرطان، اللوكيميا، من لديهم انخفاض شديد في خلايا كريات الدم

البيضاء، نقل الأعضاء ، زراعة خلايا جذعية ، حموضة الدم، ارتفاع شديد في نسبة الحديد

( الكورونا ترفع من نسبة الحديد في الدم )، مرضى الكورونا على أجهزة التنفس

الاصطناعي والتي تستخدم دون تعقيم وفلترة للمياة المستخدمة فيها…

ليس كل مصاب بالكورونا معرّض للاصابة بالفطر الاسود أو معرض للموت بسببه ولكن اذا

اجتمع البعض من الاسباب السابقة أو معظمها لدى مريض الكورونا ومن دون الحفاظ

على النظافة الشخصية والمكان المتواجد فيه المريض ( نسبة الرطوبة العالية تزيد من

فرص خطورة حصول مرض الفطر الأسود ) ) فإن احتمالية حصول هذا المرض تكون

كبيرة جدا خاصة في بلاد مثل الهند مثلا حيث نسبة الاصابة بالكورونا هائلة وقسم كبير

من المصابين او غير المصابين ( كوقاية ) يستخدمون أجهزة تنفس الاوكسيجين غير

النظيفة وغير المعقمة ويتناولون دون اشراف طبي الكورتيزون حتى وهم في بيوتهم

وهذا أكبر خطا يمكن أن يُرتكب ويسبب خطورة الاصابة بالفطر الأسود، وكما صرًح الدكتور

سيد راجيش راندي رئيس الرعاية المركزة في أكبر مشافي الهند أن الكورتيزون لا يفيد

مرضى الكورونا في الحالة غير الحرجة ومن هم ليسوا في المشافي وعلى أجهزة

التنفس الاصطناعي، وكما قال د. راندي إنّ غالبية السكان هناك يستعملون الكورتيزونات

كوقاية ومن دون مشورة طبية في بيوتهم وحالتهم الصحية عادية وهذا ماأضعف من

مناعتهم وساعد في انتشار المرض خاصة في ظل ظروف حياتية غير صحية وغير نظيفة

تماماً.

أعراض مرض الفطر الأسود:

*تورم في منتصف الوجه او الوجه كاملاً.

*اسوداد على جانبي الانف على الجيوب الانفية أو داخل الفم ( على سقف الحلق ).

*احتقان شديد جدا في العين والانف مقاجئ وغير طبيعي وغير اعتيادي.

*نزيف هضمي واقياء ( في حال تناول طعام ملوث بالفطريات ).

*اصابات جلدية ( فقاعات واحمرار في الجلد).

*ارتفاع حرارة وسعال وضيق في التنفس ( وهذه أعراض لوحدها ليست دليل طبعا على

الاصابة بالفطر الأسود ).

فإذا اجتمعت هذه الاعراض جميعها فحتما هناك اصابة بمرض الفطر الأسود.

العلاج :

إنّ الاكتشاف المبكر للمرض يقلل من الوفيات بشكل كبير.

للعلاج يستخدم الأطباء الأدوية مضادة الفطريات من 4 إلى 6 أسابيع.

وفي بعض الأحيان يُجرى استئصال للأنسجة المصابة والتالفة والميتة لوقف انتشار العدوى.

 

الوقاية :

لا يمكن منع الفطر الأسود من التواجد في المحيط الخارجي ولكن نستطيع وقاية أنفسنا

منه خاصة اذا كانت مناعتنا قليلة ومصابين بالكورونا لذلك على مرضى الكورونا ومن

لديهم الأسباب المذكورة سابقا وكبار في السن ومناعتهم بالأساس ضعيفة وهذا يزيد

من فرص اصابتهم بهذا المرض أن يلتزموا بلبس الكمامات N95 ، عدم ملامسة المياه

الآسنة والملوثة ، الابتعاد عن سقاية المزروعات والتعرض لهواء التربة والاماكن المهدّمة،

الحفاظ وبشدة على النظافة الشخصية ونظافة المكان المحيط بهم، عدم استخدام

الكورتيزون او المضادات الحيوية واسعة الطيف الا باستشارة طبية وعند الضرورة

والحاجة الملحّة لذلك ، تجنب ملامسة أي جرح في الجسم لتربة أو لجدران عفنة أو لمياه

راكدة وآسنة.

وهناك ضرورة وبشكل دائم طبعاً لتعقيم أجهزة المشافي ومحتوياتها وأدواتها والتشديد

على ذلك في حال اكتشاف ولو اصابة واحدة من مرض الفطر الأسود.

المصادر ( CDC الامريكية ، د.بروفسور وليد أبو حمّور، د،أسامة ابو الرب ، د. وليد شوقي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى