الملف الإخباري- كتبت سابقا عن مشروع المسارات المهنية والنفاذية والذي أقره مجلس التعليم العالي في عهد الوزير قبل السابق، وكنت من المشجعين لهذا المشروع ونجاحه المشروط بما يلي:
1- تنفيذه بشكل متكامل من القبول لخريجي الثانوية غير الناجحين وحتى الدكتوراه وضمن سلسلة وتعليمات تحفظ وتنظم المسيرة التعليمية، وكذلك سوق العمل ومتطلباته وكذلك متطلبات التطور التكنولوجي المتسارع، بحيث يُشترط الإنتقال في مستويات الإطار الوطني للمؤهلات الدراسية وسنوات الخبرة في سوق العمل يحددها نظام او تشريعات مخصصة لذلك ومقرة من مجلس التعليم العالي، وبحيث لا يكون القبول لمرحلة البكالوريوس مباشر لطلبة الثانوية العامة أو طلبة الدبلوم الناجحين وكأننا نتحايل على إيقاف التجسير أو تقنينه… ! والذي أقرته الأستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وبالتالي تعزيز التعليم الجامعي المُغرق أصلاً على حساب التعليم التقني…!.
2- يحتاج تطبيق المسارات المهنية قاعدة صناعية وتشاركية حقيقية وفعالة مع القطاع الخاص، لأن البرامج والقبول ستكون مشروطة ومعتمدة على التدريب والتطبيق العملي في مواقع العمل والمصانع والمؤسسات الإنتاجية للطلبة لأن التركيز الأكبر هنا هو على إكساب المهارات الفنية بمستوياتها، إضافة لتشغيل حقيقي في المصانع والمؤسسات الإنتاجية كونه شرط قبول للمستوى الأعلى لمستويات الدرجات المسكنة في الإطار الوطني للمؤهلات، من دبلوم مهني الى بكالوريوس مهني إلى ماجستير مهني إلى دكتوراه مهني.
3- الوضع الإقتصادي الراهن وجائحة كورونا أطاحت بالكثير من المؤسسات الصناعية والإنتاجية، أو إنتقلت لبلدان أخرى ويصل الرقم لأكثر من ثلاثة الآف، وهذا سيؤثر بشكل مباشر على التنفيذ للبرنامج، ولا أعتقد ان مجلس التعليم العالي حصل على دراسات قبليه حقيقيةورصينة بهذا الموضوع ولكافة التخصصات..!
4- الذهاب فورا لبكالوريوس تقني كما اعلن في موافقة مجلس التعليم العالي في جلسته الثالثة2022/2021، بعهد الوزير السابق، ويكون القبول مباشر فيه لطلبة الدبلوم المتوسط، وخريجي الثانوية العامة فهو إخراج كما اسلفت للمسارات المهنية والنفاذية عن هدفها ومضمونها، وكذلك قتل للتعليم التقني الجامعي المتوسط الذي يحتاجه سوق العمل وهو الرافعة الحقيقية للإقتصاد الوطني وحل مشكلة البطالة، فالسوق مغرق بخريجي الجامعات ولكم أن تتخيلوا أن عدد المهندسين العاطلين عن العمل يتجاوز 37000 مهندس في مختلف التخصصات، وهؤلاء يقبلون باي عمل في المصانع والمؤسسات الإنتاجية وعندهم الإستعداد للعمل كتقنيين مع بعض التدريب إلا أن سوق العمل لا يستوعبهم، فهل نحن بعجلة من امرنا لنزيد الطين بلة..! ونخرج أفواج من حملة البكالوريوس التقني والذي هو رديف الهندسي ليزيدوا أعداد العاطلين عن العمل..! وربما ندخل في مشكله لاحقة مع نقابة المهندسين، إذ قد يطالب هؤلاء الخريجين بعضويتها أسوة بزملائهم في المسار الأكاديمي..!
5- قبل إستحداث أي تخصص وبأي مستوى وفي ظل التخبط والعشوائية ووصول التخصصات الجامعية لأكثر من 460 تخصص وخاصة في المستوى الجامعي، يجب على مجلس التعليم العالي أن لا يقر أي تخصص إلا بعد دراسة مسحية حقيقية لحاجات سوق العمل وبعد التشاور مع نقابة المهندسين بما يخص التخصصات الهندسية والتقنية، وهل تمت مثل هذه الدراسات؟ ومن قام بها؟ وأين محاضر الإجتماعات إن تمت؟ وهل تم إشراك القطاع الخاص؟ والإرتكاز على حاجات فعلية؟ أم أن الموضوع ارتجالي وعشوائي وإستمرار لما كنا عليه فبدل أن نصلح، نخرب بأيدينا ونستمر في الغرق، وليجرب مجلس التعليم العالي الطلب من قطاعات التشغيل الخاصة والعامة، من طلب منكم او من بحاجة لبكالوريوس تقني؟ لن تجد من يجيبك، صحيح أن بكالوريوس تقني موجود ببعض دول العالم المتقدم التي لديها قاعدة صناعية متقدمة وليس لديهم عقد مهندس وفني… ! لان الفني امتيازاته اكثر من المهندس أحياناً، ولكنهم أوجدوه بعد أن نجحوا في التعليم المهني والتقني والهندسي، ولديهم قاعدة وبنية تحتية صناعية تؤمن العرض والطلب للتدريب والتشغيل.
6- أولويتنا الوطنية وكتبت بذلك كثيراً، تفعيل وتطوير التعليم التقني لمستوى الدبلوم المتوسط ( سنتين أو ثلاث سنوات) وهذا ما يحتاجه سوق العمل ولا أعتقد أننا حققنا المطلوب بذلك لتاريخه، وما تم هو ذر للرماد في العيون وضحك على الذقون، المملكة العربية السعودية بدأت بذلك منذ سنوات ومن خلال مؤسسات إعتماد عالمية، وهو مشروع كبير وضخم يحتاج سنوات وميزانيات كبيرة، وكذلك في مجال التعليم المهني فالوضع ضعيف جداً، من حيث التمويل والبرامج ونسب الإنخراط المتدنية جدا فيها، وكذلك غياب جسم وطني يصنع سياسات واستراتيجيات التعليم المهني والتقني المشتتة، فمنذ سنوات ونحن ندور بحلقة مفرغة، وكذلك عدم وجود جسم وطني يحدد الكم والنوع وينسق العرض والطلب في مجال القوى البشرية على المستوى الوطني، هذه اولوياتنا الوطنية التعليم التقني والمهني، اما التعليم الهندسي المكمل لثلاثية هرم القوى العاملة التي تزودنا بالخدمة والمنتج فهو مغرق جداً، وأعداد المهندسين في النقابة تجاوز النسب العالمية باضعاف نسبة لعدد السكان.
7- في ظل جائحة كورونا ونحن لا نعلم بعد متى تنتهي، وانتقالنا للتعليم عن بعد والذي قد يصلح
لانواع التعليم الأخرى، لكنه لا يصلح أبدا لتعلم المهارات الفنية والمهنية المتخصصة الفعلية والتي لا يتم إكتسابها إلا بالعمل الفعلي والتدريب والتطبيق في مواقع العمل والمختبرات والمشاغل، وهذا غير متاح حالياً كما يجب، فكيف نقر تخصصات لتدرس بداية العام القادم والوضع مجهول للجميع..!
أخيرا… هذا رأيي الشخصي من خبرتي ومعرفتي وتخصصي في التعليم المهني والتقني، وقد يوافقني عليه كل عارف، المسارات المهنية جيدة ولكن يجب ان تطبق كل متكامل دون تجزئه، مع ضمان البنية التحتية التعليمية والتدريبية في الجامعات وسوق العمل، وكذلك التدريب بمستوى متقدم في المصانع والمؤسسات الإنتاجية، وكذلك حاجات سوق العمل، وغير ذلك فنحن ندق مسمار جديد في نعش التعليم التقني ونظامنا التعليمي بشكل عام.
المطلوب دعم حكومي سخي لجامعة البلقاء التطبيقية لبرامج التعليم التقني، فجامعة البلقاء تركت وحيدة بذلك، وهي الجامعة التي تكاد تكون الوحيدة في طرح برامج تعليم تقني في مختلف التخصصات التي يطلبها سوق العمل والتشغيل، إضافة لإشرافها الفني على برامج التعليم التقني في الكليات الخاصة والعامة وهي بحاجة لميزانية منفصلة عن ميزانية التعليم الجامعي، لأن مردود رسوم طلبة التعليم التقني للجامعة لا يغطي أكثر من 5% من الكلفة الحقيقية للتعليم التقني، ويجب أن تخصص الحكومة ميزانية سخية للجامعة للتعليم التقني وتطويره وتحديث برامجه وبنيته التحتية، ونحن في طور مناقشة ميزانية الدولة فيجب أن تقتطع ميزانيته من الميزانيات الوطنية لمخصصات التشغيل وتقليص البطالة والتدريب، وتوجه لجامعة البلقاء، لأن الجامعة وضمن ميزانيتها الذاتية والدعم الحكومي الهزيل، لا تستطيع تمويل التعليم التقني وتطويره لمستويات عالمية يطلبعا سوق العمل المحلي والعالمي، ويجب أن يتبنى مجلس النواب مع الحكومة تحقيق ذلك، وفي الجامعة خبرات تستطيع التخطيط لتطوير التعليم التقني ولا مانع من التشارك مع بيوت الخبرة العالمية ومؤسسات الإعتماد الدولية لتعزيز التعليم التقني وإخراجه بأفضل المستويات المأمولة، بحيث لا يبقى يزحف زحفاً بأطر تقليدية تجاوزها العالم منذ سنين خلت.… . حمى الله الأردن.
زر الذهاب إلى الأعلى