النفاق والسعي للسلطة
بقلم : ممدوح النعيم
قبلٌ سنواتٍ صدرَ للأستاذِ الصحفيِ أحمدْ ذيبانْ الربيعِ كتابا بعنوانِ النفاقِ والسلطةِ وتضمنَ الكتابُ نماذجَ لسلوكياتِ النفاقِ التي باتتْ نموذجا لبناءِ علاقاتٍ غيرِ حميدةٍ منْ أجلِ تحقيقِ أهدافٍ غيرِ نبيلةٍ .
النفاقُ بشكلٍ عامٍ ظاهرةً موجودةً بكلِ المجتمعاتِ البشريةِ ، لكنْ لكلِ حالةِ نفاقِ خصوصيتها الزمانيةِ والمكانيةِ وشخوصها وموقوماتهمْ وقدراتهمْ الثقافيةُ والاقتصاديةُ ومواقفهمْ الاجتماعيةِ .
منْ أخطرِ أنواعِ النفاقِ النفاقِ السياسيِ والذي يقومُ عادةً على تحالفاتٍ تسعى إلى تحقيقِ مصالحَ شخصيةٍ على حسابِ المصلحةِ الوطنيةِ ، والساسةُ هنا يظهرونَ عكسُ ما يخفونَ وينتحلونَ قيمَ ومبادئَ تناقضٍ معَ ما يضمرونَ بداخلهمْ .
المنافقَ السياسيِ والذي يتنازلُ عنْ قناعاتهِ وقيمهِ يقودُ المجتمعُ إلى اتجاهاتٍ وقراراتٍ ترضي بعض منْ يرى فبهمْ أنهمْ يحققونَ بقائهِ في دائرةِ الأضواءِ منْ خلالِ استمرارهِ في مواقعِ السلطةِ هؤلاءِ المنافقونَ همْ بذرةُ الفسادِ والسوسةِ التي تنخرُ في جسدِ الدولةِ نتيجةَ ما يقومونَ بهِ منْ أعمالِ واتخاذِ قراراتٍ لا تتوافقُ معَ المصلحةِ الوطنيةِ حيثُ يحلُ المنافقينَ مكانَ أصحابِ الكفاءاتِ والخبراتِ وتصبح مؤسساتُ الدولةِ حكرا على فئةٍ لا تفكرُ إلا بما يتوافقُ معَ تحالفاتها غيرُ السويةِ للبقاءِ في مواقعِ السلطةِ حتى ولوْ كانَ ذلكَ على حسابِ الدولةِ .
النفاقُ والسلطةُ ومصالحُ الدولةِ ضدانِ لا يلتقيانِ في أيِ دولةٍ تقومُ على أساسِ القانونِ والمساءلةِ والشفافيةِ والتشاركيةِ وفي الدولِ التي يسودُ فيها النفاقُ السياسيُ يتحولُ فيها الساسةُ إلى مجردِ هياكلَ وأدواتِ ويكونونَ محلَ سخريةِ وعدمِ ثقةٍ لدى غالبيةِ الناسِ .
ونحنُ على أبوابِ الانتخاباتِ النيابيةِ القادمةِ يتوجبُ علينا محاربةُ كافةِ مظاهرِ النفاقِ ومنها النفاقُ السياسيُ الذي يتجلى ظهورهُ عبرَ الخطاباتِ والوعودِ والانتقاداتِ والطروحاتِ والمبادئِ والقيمِ التي سرعانَ ما تتلاشى بعدَ الانتخاباتِ .
إنَ الاعتمادَ على الخطاباتِ الزائفةِ واستغلالِ مشاعرَ وظروفِ الناسِ لغاياتِ الوصولِ إلى تحقيقِ الأهدافِ بالوصولِ إلى مقعدٍ نيابيٍ أوْ وزاريٍ أوْ نقابيٍ أوْ بلديٍ يعدُ خطابا فاقدا لمعانَ وجوهرَ المصداقيةِ ويقصدُ تشويهُ الحقائقِ وتشويهِ صورةٍ المنافسينَ منْ الخصومِ السياسيينَ .
لا يمكنُ للنفاقِ أنْ يبنيَ مؤسسةً أوْ يحققُ مصلحةً للوطنِ فالمنافقُ وأينَ ما كانَ موقعهُ لا يكونُ همهُ إلا مصالحهُ الشخصيةُ حتى وإنْ أعلنَ إيمانهُ بكلِ القيمِ الوطنيةِ والإنسانيةِ والدينيةِ وما سعيهمْ للوصولِ إلى السلطةِ إلا لتحقيقِ غاياتهمْ وأهدافهمْ مستغلي مشاعرَ وآمالِ الناسِ في بناءِ مستقبلِ افصلْ لهمْ .
باليقظةِ والالتزامِ بالمصداقيةِ وعدمِ مجاملةٍ المنافقينَ تتمُ مواجهةُ جميعِ أشكالِ النفاقِ والمنافقينَ ، يجبَ عدمَ إعادةِ منْ تمَ اكتشافهمْ منْ المنافقينَ إلى مواقعِ القرارِ في البلدياتِ والنقاباتِ والجمعياتِ والمجالسِ البلديةِ والمواقعِ الحزبيةِ والإداريةِ والحكوميةِ وحتى في المواقعِ الاجتماعيةِ .
إنَ اختيارَ الأشخاصِ الذينَ يتمتعونَ بالأمانةِ والأخلاقِ والمصداقيةِ التي عرفوا بها يشكلُ ردا على المنافقينَ وإسقاطهمْ .
بالمصداقيةِ والأمانةِ والمشاركةِ الحقيقيةِ في الانتخاباتِ أيةُ انتخاباتٍ نبني وطنا قويا منيعا، والتوجهُ نحوَ تعزيزِ ثقافةِ المشاركةِ السياسيةِ نصلُ إلى بناءِ مؤسساتٍ تراقبُ أداءَ السلطةِ التنفيذيةِ حيثُ لإمكانِ للمنافقينَ وبرامجهمْ وأدواتهمْ إلا بالمشاركةِ السياسيةِ التي تعززُ الحرياتُ العامةُ وتضمنَ حقُ التعبيرِ عنْ الرأيِ وبالتالي المشاركةُ الحقيقيةُ باتخاذِ القراراتِ .
النفاقُ عدوَ الديمقراطيةِ وعدوِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ النفاقِ شكلَ منْ أشكالِ الفسادِ عدوَ الوطنِ وأداةِ هدمٍ لا بناءً.