الملف الإخباري- كعادتها في تكريم الرواد والرموز الوطنية، استذكرت جامعة اليرموك اليوم الأحد، شاعر الأردن الكبير مصطفى وهبي التل – عرار، من خلال ندوة علمية، حملت عنوان ” عرار على عتبة ذكراه الماسية” نظمها كرسي عرار للدراسات الثقافية والأدبية بالتعاون مع قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب، ورعاها مندوبا عن رئيس الجامعة، نائب الرئيس للشؤون الإدارية الدكتور رياض المومني.
وأكد المومني في كلمته الافتتاحية للندوة، التي حضرها جمع من أصحاب الفكر والثقافة في إربد وحشد من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية والطلبة، أن عقد جامعة اليرموك لهذه الندوة يأتي إحياءً منها لذكرى عرار شاعر الأردن الكبير، وهي الذكرى التي يجتمع فيها تاريخ ميلاده في الخامس والعشرين من الشهر الخامس عامَ ألفٍ وثمانمئة وتسع وتسعين، مع يوم رحيله في الرابع والعشرين من الشهر نفسه من عام ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين، بل قيل إن اليومين يقعان في التاريخ نفسه أي في الخامس والعشرين من شهر أيار، وهو اليوم الذي نحتفل به بعيد استقلالنا التليد.
وأضاف، تحتفل جامعة اليرموك “اليوم” بالذكرى العطرة لشاعرنا الكبير “عرار” رمز الثقافة العربية للعام 2022، فإننا نستذكر بكل معاني الوفاء مآثر هذا الشاعر العظيم في التعبير عن وجداننا وتجسيد آمالنا وآلامنا بأرفع المستويات الفنية في الشعر العربي الحديث، دون أن يغيب عن ذاكرتنا أن أسمه كان من بين الأسباب الرئيسية التي حدت بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لاختيار إربد عاصمة للثقافة العربية تزامنا مع العام الذي أصبح فيه شاعرنا “عرار” وبقرار من المنظمة نفسها رمزا عربيّا للثقافة، مع ما تمثله هاتان الخطوتان من تأكيد للدور المشرف لهذه المدينة في خدمة الثقافة العربية والتـأكيد الراسخ لمكانتها الحضارية سواء على المستوى المحلي أو على المستوى القومي.
وشدد المومني على أن جامعة اليرموك ستواصل العمل وتبذل الجهود تحقيقا لرسالتها في خدمة وطننا ومجتمعنا، في ظل راعي الثقافة الأول وحامل مشعل التقدم والثقافة والحضارة، جلالة الملكِ عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وسمو ولي عهده الأمين.
وقال شاغل الكرسي الدكتور نبيل حداد إن “اليرموك” اليوم نص مفتوح على كل باب من أبواب الإبداع التي شرعها شاعر الأردن الكبير عرار بفنه العجيب المصفى وتجاربه الثرية التي تستجمع عناصر الحياة البشرية بكل نوازعها وهواجسها وبكل تناغمها وتناقضها وسخائها وشحها وعدالتها وجورها وببساطتها وتعقيداتها.
وتابع: لكن لماذا خلود عرار؟ ودون تردد نقول: إن هذا الرمز المشع يعكس الحالة النفسية والوجدانية للشعب الأردني بأصدق ما يكون خلال النصف الأول من القرن العشرين، فهو يمثل أتم تمثيل الخلق الأردني أياً كان؛ وكل من له خبرة في الحياة يعلم أنه ما من سبيل إلى استرعاء نفوس الناس خير من التحدث إليها عن نفسها.
وأضاف حداد، حين تركنا عرار قبل نيف وأربعة وسبعين عاماً، لم يكن بالشهرة أو بالموقع الذي يتبوؤه اليوم في قلب المشهد الثقافي العربي من المحيط إلى الخليج، ولكننا شعب وفي؛ ومجتمع مثقف عرف كيف يصون الموروث شعرا ونثرا، ومن ثم كانت جهود العشرات من الباحثين والباحثات ممن انكبوا على شعره ونثره وإرثه الإنساني الآخر ممثلا بدراما الملحمة السردية التي انبثقت عن حياة عرار وتجاربه الفريدة واشتباكه الدرامي المذهل مع حياتنا بكل عناصرها البشرية وغير البشرية.
وخلال الجلسة التي تولى أدارتها عميد كلية الآداب الدكتور موسى ربابعة، وتحدث فيها أستاذي الشرف في كلية الآداب الدكتور يوسف بكار والدكتور عبد القادر الرباعي، قدم بكار ورقة علمية حملت عنوان ” البدوي الملثم ومصطفى وهبي التل”، أكد فيها أنه وحسب البدوي الملثم فقد كان هو أول من نبه على طفولة عرار وبداياته الإبداعية الشعرية، وأول من كشف عن معرفته باللغة الفارسية واهتمامه بعمر الخيّام والرباعيات التي ترجمها عن الفارسية والتركية معا عام 1922، ليكون بذلك أول من ترجمها عن غير الإنجليزية من العرب.
فيما قدم الرباعي ورقة علمية بعنوان “عرار أسطورة الزمن الأردني”، رأى فيها أن طموح عرار تجلى في ميدان آخر أكثر تعقيدا وهو خدمة وطنه، مضيفا أن عرار ابن الأردن البار الذي آمن به وطنا عزيزا عالي المقام جديرا بحبه والذود عنه، فعشق عرار لوطنه كان كبيرا عاليا.
وأشار الرباعي إلى أن المتتبع لشعر عرار سيجد أن كل بقعة شماء في الأردن قد أخذت مكانها السني لديه، لافتا إلى أنخراط عرار في أحداث وطنه مكافحا منافحا عن استقلاله معتزا بشموخه أمام كل مستعمر بغيض.
زر الذهاب إلى الأعلى