الملف الإخباري- الاحزاب ودورها في إدارة الدول ممارسة عالمية ديموقراطية، حلت محل الدكتاتوريات بأنواعها فردية أو حزبية شمولية أو دينية أو عرقية وغيرها… .
في بلاد العرب أوطاني وفي بدايات استقلالها أو فيما بعد، ظهرت ممارسات حزبية ولكنها نحت منحى التفرد والدكتاتورية وانشقت على ذاتها مثل حزب البعث في سوريا والعراق، وهنالك احزاب أخذت ايديولوجيات شرقية وغربية تراوحت بين يمين ويسار… ووسط…ولا ننسى الأحزاب ذات العناوين الإسلامية، ولكن لم ننجح محلياً ولا عربيا في ترسيخ الديموقراطية الحزبية وتداول السلطة والولاية العامة، ولهذا وذاك ما زلنا نراوح في ذات العبثية السياسية بين أحزاب مشخصنة أو مؤدلجة تبحث عن السلطة وبين أنظمة حكم وحكومات وشخوص… استمرئت السلطة وتضمر في ذاتها وبالممارسة أن الأحزاب خطر عليها، ولهذا جُرمت الحزبية سابقاً، ومع الإفراج عنها في قوانين الإصلاح الجديدة؛ إلا أن بعبع الحزبية والتحزب مازال يسكن عقليتنا وثقافتنا… والتحزب يعني ملف أمني..!
في بلدنا ومع ردات الفعل الإصلاحية وقوانينها القيصرية..! إلا أن الإقتناع بالأحزاب وإمكانية تجذرها… ووصولها للحكم والولاية العامة ما زالت ضعيفة مرتبكة ومترددة، لأن الناس أمام إمتحان متعدد الأسئلة والتنبؤات، ولأن الديموقراطية تُنتَج ولا تولد بعملية قيصرية ولا بمراسيم حكومية..ولا إدعاءات استقطابية..!.
نظرياً؛ نحتاج لبلدنا مجموعة احزاب قليلة العدد لا تتجاوز إصابع اليد، لديها برامج إصلاحية مقنعة، وأطياف سياسية أو أيديولوجية فكرية، تهتم بالوطن والمواطن وتبتعد عن تكريس حرس قديم وشخصيات غير مقنعة أو كانت جزء من الممارسات للدولة العميقة والحرس القديم، خلعت لبوس النفعية والتنفع الإفسادي؛ وتحاول أن تلبس ثوب الورع والوطنية بين ليلة وضحاها، ولا أنسى أصحاب الأدوار المعروفة سابقاً؛ الذين لبسوا ثوب المعارضة من أجل المعارضة دون تأثير يذكر، ويريدون الآن ركوب موجة الإصلاح… فكلهم في الهم والغم… شرقُ..!
المواطن الأردني الواعي هذه الأيام في موقف لا يحسد عليه؛ دعوات للتحزب من خلال الأصدقاء والمؤسسين والمتحزبين الجدد، جلها بالتخجيل ومحاولة الإقناع الواهم… لاستقطاب عضو فاعل في الظاهر، أما في الباطن فهو مجرد رقم لتحقيق متطلبات التسجيل والإستدامة الشكلية…لا أكثر ! وتأتيك جمل الإقناع مما سمعت أو أُسمعت (هذا الحزب مدعوم من الجماعة أو من فوق، وهذا الحزب حزب كبار البلد، وهذا الحزب رايح يوخذ الكعكه، وهذا الحزب غير ( من المريخ مثلاً..!)، وهذا الحزب ضد الجماعة (الإخوان) حتى لا تستحوذ على الجو..!، وإركب لا يفوتك القطار…وخلينا نجرب… !، وووو ( وعلى اونا على دوي على تري… وكأنك في مزاد أو أكزيون تنزيلات..!) وهو يسر لك أنه غير مقنع… ! بس متطلبات المرحله، (ولاحق العيار لباب الدار… !)، وهنالك إغراءات أخرى يمررها لك بعض محاولي الإستقطاب ولا أقول الإقناع… احجم عن ذكر بعضها…ومنها… وعود بالنيابة والمراكز والمناصب والمكاسب… .هذا في السر والأحاديث الشخصية، أما في العام ومؤتمرات الإستقطاب، فاسمع كل الوان التنظير… ! برامج سياسات وسط يسار يمين مدني غير مدني اجتماعي إنكشاري… الخ..!، وكأنك أمام محترفي سياسة وفكر عميق، والناس بس (صافنه) وتقول (وين كاينين الأخوان..؟ ما إنتو كنتوا بالسلطه أو السَلَطه…أو أننا أول مره بنسمع فيكم… ! ولم تفعلوا شيء بل كنتم أدوات للرجعية السياسية النفعية..! وآخر همكم الوطن والمواطن، ولم تغيروا شيء غير برستيجكم وحساباتكم وسياراتكم واطيانكم… وكنا بدنا واسطه لنحكي معكم… وغالباً كنتم تزدرونا بعنف..!) إنه تغيير الجلد يا ساده وركوب الموجة لتكريس الأنا والمكتسبات…لأنهم ملوا الإنتظار خلف التلفونات… وأدارت الدولة ظهرها لهم وولت عنهم المناصب بغير رجعة… وما حد فاقدهم(بقزعة منصب يتفشخروا فيه بعد العز والرز..!)..هذا واقع الكثير ممن يلهثون وراء الأحزاب هذه الأيام.
من هنا فهي دعوة لكل من يتنطح لتأسيس الأحزاب من الطيف الذي ذكرت… أقنعوا الناس بشخوصكم أولاً… ولا بأس أن تعتذروا عن ماضيكم غير المشرق؛ بالقاف أو الفاء..!، تصالحوا مع الناس لعل وعسى أن نرى صفحات جديدة بتاريخكم..!
للأسف بعض الممارسات لتشكيل بعض الأحزاب ومؤسسيها؛ هو بمثابة إفساد للعمل الحزبي، وإضعاف الثقة بإمكانية الإصلاح، وتخريب أي ثقافة حزبية بدأت تتشكل أو إن وجدت، وتعدد الأحزاب و حزب الشخص الواحد، وأحزاب فقيرة وأحزاب تغدق من المال المعروف وغير المعروف مصدره..! تكرار ذات الوجوه السابقة ليكرسوا لك نظريتهم قبل وبعد الحزبية( انت عبدي وأنا سيدك)، محاولات التسويق بالدعم من فوق ومن تحت..!، الإختباء وراء الجهات… أو المقامات العليا وهي لا تدري عنهم..! التعامل الأوكزيوني مع الأحزاب في معمعات الإستقطاب، التنظير الببغائي لكلشيهات سياسية أو برامجية مجترة من بيانات انتخابية سابقة لأحدهم… !، أو وعود لا تتصل بالواقع، وكأننا في المدينة الفاضلة..!، النظرة الفوقية الإستعلائية لبعض قيادات التأسيس هنا وهناك، وتسخير دور الكومبارس للمؤسسين والأعضاء المستقطبين، الضحك على العقول وتوزيع المناصب الوزارية حتى قبل التأسيس… وفي الجعبة الكثير من الممارسات التي لا تؤشر لبدايات حزبية وطنية فاعلة، تكريس الطبقية والألوان والنفعية والمصالح والعشائرية واستخدام التقيا لنفيها في الظاهر وتكريسها في الباطن.
لست عدمياً… ولست ضد أحزاب برامجية وطنية فاعلة، ولست ضد أحزاب قائمة أو تحت التأسيس، ولكن ذكرت ما سبق من باب الحقيقة التي يجب أن تُعرفنا بالواقع وتبعدنا عن تأسيس مرحلة حزبية قائمة على أسس واهنة ومستهلكة، تعيدنا لما كنا فيه من مجالس نيابية فردية مهجنة بدون لون حزبي، لنصحو على أحزاب مهجنة من ذات النهج…(وكأنك يا ابو زيد ما غزيت).
الحل… ربما احتجنا لفترة من الزمن لفهم عام للأحزاب والإنتماء الحزبي، والثقافة الحزبية ونشرها بين الناس من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية مدارس وجامعات وغيرها، ووسائل الإعلام المختلفة بالتزامن مع مراحل التأسيس للأحزاب، وأيضاً الإبتعاد عن الممارسات التي تكرس ذات الوجوه التي كانت سبب في تأخرنا… وتفرض نفسها بكل الطرق الملتوية على مبدأ المثل العامي(جوزك والرايد الله)، الإبتعاد عن الأفكار المهددة بقصد الإستقطاب؛ من مثل تحويل تجريم التحزب سابقاً، لتجريم عدم التحزب لاحقاً…، ترك قناعات الناس لتحدد التوجه الحزبي، طروحات واقعية تناسب وضعنا السياسي والإجتماعي، دون إغراق في المصطلحات السياسية الرنانة، التركيز على برامج ممكنة التنفيذ لحل المشاكل الآنية المعروفة، وطرح برامج تطوير ممكنة أيضاً… وغير ذلك الكثير مما نريده جميعاً… الأحزاب لا تُنشأ لذاتها أو لتكريس مشيخات ومصالح شخصية نفعية… الأحزاب تنشأ إما لتكون سلطة الحكم والولاية العامة… أو سلطة المعارضة، الحكم؛ تنفيذ برامج لمصلحة الوطن والمواطن اليومية والعليا، المعارضة عين الرقابة على السلطة والحكم لضبط الأداء والنتائج… ويتم تداول السلطة لمن يستطيع إقناع الناخب بتميزه في الفعل الحقيقي.
ولأننا على قناعة بأن نية الإصلاح الحقيقي إن قدر لها أن تكون… فلسنا أقل من غيرنا من الدول التي استطاعت الخروج من مشاكلها لا بل تطورت وأصبحت من الكبار… أخلصوا النيات فالزمن ليس بصالحنا فقد تأخرنا كثيراً… ؟حمى الله الأردن.
زر الذهاب إلى الأعلى