عزيزي الناخب لا تنتخب وأنت جائع
بقلم المحامية : بسمه العوامله
في خضم الاحاديث التي تدور حول الانتخابات و الاحزاب و الجدل الدائر حول جدوى الانتخاب من عدمه ، و هل سيكون المجلس القادم مختلف عن المجالس السابقة ، وما هي مواصفات الناخب الذي نريد و نطمح ، و الكثير الكثير من الامور الجدلية ما بين متفائل بالتغيير استناداً لقانون الاحزاب الذي يعول عليه البعض في افراز نخبة من النواب ، و ما بين متشائم بناء على تجارب سابقة اكتوينا فيها بنار مجالس لم تكن على المستوى المطلوب ولم تقم بدورها المناط بها خير قيام.
في خضم هذه الجدلية تذكرت فجأة احدى الحملات الوطنية التي اطلقتها جمعية حماية المستهلك منذ اشهر تحت عنوان ( لا تتسوق وانت جائع )
هذه العبارة على بساطتها ، و لكن لها كثير من المدلولات و تشي بالكثير ،فقبل عدة سنوات اعدت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً يتعلق بتأثير الجوع على القرارات التي يتخذها الشخص
بحيث ربطت الدراسة ما بين الجوع و تأثيره على الشخص حين اتخاذ القرارات و بخاصة المهمة منها ، بحيث اكدت الدراسة من أن الشخص الجائع يميل لإتخاذ قرارات تضمن له الاشباع الفوري لرغباته ،بحيث يجنح الى الرضى بالقليل مقابل الحصول عليها اسرع .
فاذا كانت القرارات تتأثر بحالة الجوع الاني عند الشخص ، فما بالك بحالة الجوع المستمرة ،كيف سيكون انعكاسها على قرارات الشخص .و هذا ينطبق على عدة حالات ، فلقد قيل بانه لا يجب على القاضي أن يقضي بمجلس القضاء وهو جائع ، فلقد تبين بنفس الدراسة التي تحدثنا عنها من أن القاضي الذي يصدر احكاماً في بداية النهار تكون قراراته بالغالب اكثر تسامحاً ، في حين ان القرارات التي يتخذها بعد الظهيرة و هو جائع تكون بالعادة اقل تسامحاً .
و زد على ذلك بأن الطبيعة البشرية تجنح الى التوتر و الغضب في حالة الجوع، وكثيراًما ينطبق هذا المبدأ على كثير من امور حياتنا ، ففي الانتخابات مثلاً لن نتوقع نتائج فارقةفي ظل وضع اقتصادي متردي يتفشى فيه الفقر و البطالة بشكل غير مسبوق ، لأن الانسان عندما يجوع تتغير معادلات الحياة امامه ، فكيف لنا ان نطالب مواطن قلق يعاني البطالة و وضعه الصحي يحتاج لعناية و متابعه ، أن نطالبه تحت غطاء الوطنية و الديموقراطية و العدالة الاجتماعية ، و هو فعلياً في حياته اليومية يعاني من انعدام العدالة الاجتماعية بكافة اشكالها ، في ظل تلك الاوضاع الاقتصادية الصعبة أن نطالبه بممارسة حقه الانتخابي و الانخراط في الحياة السياسية و الحزبية ،و هو يعاني البطالة و انعدام لفرص العمل بمعنى آخر يعاني الجوع و الحرمان و البطالة .
فكيف لشخص يعاني من كل ذلك أن يكون قادراً على التعبير عن ارادته الحرة ، بحيث لا يتأثر في حاجته للمال ، و يبقى متمسكاً باختياره في ظل تفشي المال الاسود ، حتماً سيؤثر ذلك على قراراته التي لن تكون صادره عن شخص بكامل ارادته و اختياره .
فالدولة التي تدفع بمواطنيها نحو الديموقراطية و الحزبية و الانخراط في الحياة السياسية و الحزبية قبل أن تعالج مواطن الخلل الواضح في نظامها الاقتصادي ، ستكون تجربتها الديموقراطية محكومة بالفشل ، و اي انتخابات تُجرى في ظل وضع اقتصادي ضعيف ، حتماً سيفرز نواباً ليسوا على مستوى المسؤولية ،نواباً مقاولين يطمحون في تحقيق مكتسبات شخصية و عطاءات ترسو على شركاتهم يستردوا فيها ما خسروه في حملاتهم الانتخابية التي استخدموا فيها المال الاسود بمختلف اشكاله .
هذه الدول التي تسعى لرسم صورة ديموقراطية مشوهة ، عليها أن تعي بأن عليها اولاً أن تنهض بثلاث قطاعات رئيسية و اساسية في اي دولة الا وهي القطاع الزراعي و منظومة التعليم و القطاع الصحي ، نجاح هذه القطاعات الثلاث مجتمعة تكفل نجاح العملية الانتخابية برمتها لان المواطن فيها ارادته حرة و هو مطمئن أن حقوقة محفوظة ، اخذ حقوقة و بقي عليه أن يودي واجباته تجاه وطنه و دولته على اكمل وجه ، فهو غير مضطر أن يهادن و يفاوض اصحاب المال مقابل منحهم صوتاً ظاهرة ديمواقراطية و باطنه فساد من خلال عملية بيع و شراء ، لا بل لن يكون المواطن مطراً لمجاملة اصحاب المقرات الانتخابية من اجل وجبة غداء او صحن كنافة يتبعها ورقة نقدية تزادد قيمتها كلما اشتدت المنافسة و احتدمت بين المرشحين.
و عَوْدٌ على بَدْء وعلى طريقة المحامين حين تقديم مرافعاتهم نقول و لكل ما تقدم نتمنى من سيد البلاد حفظه الله و رعاه و ولي عهده الأمين كما عودنا أن نعبر بحرية عن آراءنا بكل حرية و جرأة و ان الاختلاف بالراي لا يعني الخلاف ، وانما بهدف تحقيق مصلحة الوطن الذي نًجتمع على حبه ،أن يأمر بتأجيل الانتخابات النيابية حالما يتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد و ليتنا سيدي نحذو حذو دولة عربية شقيقة عندما اصدر اميرها قراراً حكيماً يقتضي بحل مجلس الأمة لاجل مسمى حتى يتم انجاز المشاريع التنموية التي كانت متوقفة لفترة طويلة من الزمن لعدة اسباب اهمها تعطيل بعض النواب و عرقلة تنفيذ القرارات ، مما نجم عنه سوء استخدام السلطة
و بحال تم حل المجلس يتم استثمار الرواتب و المخصصات المالية لهولاء النواب من اجل دفع عجلة الاقتصاد في البلاد ، و فور الانتهاء من انجاز بعض المشاريع ، نعاود السير بخطط التحديث السياسي و اجراء الانتخابات النيابية في جو من الاستقرار المتوج بمباديء الديموقراطية و العدالة الاجتماعية.
فيا عزيزي النائب رسالة لك من ناصح أمين لا تنتخب وانت جائع ، لانك ستدفع ثمن هذا القرار من استقرارك و مستوى معيشتك و القوانين و التشريعات التي ستطبق عليك و ستؤثر على كافة مناحي حياتك في السنوات القادمة
فكر ملياً ثم قرر
و لكن ارجوك لا تتخذ قرارك وأنت جائع .