مقالات

مقترح دمج وزارتي التربية والتعليم العالي..نظرة شمولية! د. مفضي المومني

الملف الإخباري- في خبر نشر هذا اليوم “كشف رئيس لجنة التعليم والشباب النيابية، وجود لجنة تدرس دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي.
ودعا الصرايرة رئيس الوزراء إلى التدخل من أجل وقف تلك الاجراءات، وعدم السماح بذلك لما يشكله من خطورة على القطاع التعليمي في الأردن.”.
وكنت كتبت سابقاً بهذا الموضوع واكرر واضيف عليه في هذه المقالة، لكي نخرج برؤيا صحيحة لنؤيد الدمج أو نعارضه:
نعترف بداية أن دول كبرى لديها وزارات تقل عن نصف عدد الوزارت في بلدنا… ! ونعترف أن بلدنا متخم بالوزارات والهيئات وتداخل الصلاحيات وعدم تكاملها مما أثر سلباً على إداراتنا الحكومية في جميع القطاعات، وقضية دمج وزارتي التربية والتعليم العالي مطروحة قبل ولاية الوزير الحالي للوزارتين، وهنالك لجنة كما نعرف تعمل على ذلك.

ومعروف أن الأولوية في الدمج في بلدنا يجب أن تكون عاجلة للهيئات المستقلة التي فُصلت تفصيلاً لأبناء الذوات الذين لا يسعفهم نظام الخدمة المدنية في الدولة الأردنية برواتب ومخصصات فلكية لا تناسب اقتصاد بلد يعيش على الضرائب وجيوب المواطنين!، أيضا ولكي نكون منصفين فبعض الهيئات فرضها واقع البيروقراطية المقيت والترهل الإداري في وزاراتنا وإنعدام المؤسسية، لكن في المحصلة هذه الهيئات تعمل عمل الوزارات وتستنزف الميزانية بمليارات الدنانير كل عام بعضها يربح وغالبها يخسر أي يعتمد على الخزينة، الكل متفق على دمجها مع الوزارات المشابهة لعملها إلا بعض المستفيدين والمتنفذين وأصحاب المصالح الضيقة، أو بعض الخصوصيات العملياتيه أو أمور أخرى، وكل ما تم بهذا الموضوع يتم على استحياء ومن باب ذر الرماد في العيون، ومطلوب قرار سياسي من اعلى المستويات نصبح فيه على صفر هيئة، لتنقل وتدمج اعمالها مع الوزارات من ذات الإختصاص مع تفعيلها ورفع سوية أدائها..!، وتخفيض الرواتب للجميع بما يتناسب وسلم الرواتب الحكومي، أو ترفع الرواتب الحكومية لتنافس الهيئات وهذا حلم ليل طويل في ظل عجز الميزانيات والوضع الإقتصادي المتراجع..!

أما وقد شُكلت لجنة لدراسة دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم فالدمج له ماله وعليه ما عليه ويمكن أن يكون مفيداً إذا تم وأخَذ بعين الإعتبار المصالح الوطنية العليا، بهدف إيجاد استراتيجيات وأهداف تحقق الشمولية والتكامل والرؤى، والإستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية، مثل إلحاق هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي، والمركز الوطني لتنمية الموارد البشرية، والمركز الوطني للمناهج لهذه الوزارة( وزارة التعليم والقوى البشرية… مقترح)، بحيث تسند مهام تنفيذية فاعلة من الدرجة الأولى لأمناء عامين يديرون ملفات التعليم العالي والتربية وكل ما يتصل بهما، بحيث يكون هنالك تكامل في العمل وتنسيق واتساق في الرؤيا والأهداف، بحيث يُنشأ مجلس أعلى للتعليم والقوى البشرية، أو مجلس للتعليم العالي ومجلس للتربية والتعليم ومجلس متخصص للتعليم التقني والمهني، ومجلس للبحث العلمي والريادة، تكون جميعها تحت مظلة وزارة التعليم المقترحة بعد الدمج، وتكون مهامها جميعاً رسم السياسات والاستراتيجيات لكل الشؤون والقطاعات التعليمية التي ذكرتها، ومن الضروري إتباع المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ليكون جزء من الوزارة ويعطى اهمية تنفيذية فاعلة لرسم استراتيجيات الكم والنوع والعرض والطلب للقوى البشرية وكذلك التخطيط للقوى البشرية من خلال الإرتباط المباشر مع وزارة التعليم الجديدة التي تعتبر المزود الرئيسي للتدريب والتعليم والتأهيل وكذلك البحث العلمي، بحيث يتم خلق تناغم وإتساق فعال لخارطة التعليم على المستوى الوطني، إذ أن الوضع الحالي لا يوفر ذلك كما نعرف..!، وهنالك فجوة تخطيطية على المستوى الوطني بين حلقات التعليم العالي والعام والمهني والتقني، وكذلك التخطيط للقوي البشرية والعرض والطلب واستشراف مستقبل المهن والتشغيل والوظائف، موضحاً أن هذه المضامين وردت في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى ضمان عدم تشتت مصادر التمويل لعمليات التعليم والتدريب في كل المراحل.
الدمج لن يوفر مالياً بشكل كبير في المدى المنظور لأن الموظفين ذات الموظفين والمصاريف الجارية ذاتها تقريباً، لكن في المدى البعيد سنحصل على فوائد كبيرة في التخطيط للتعليم والقوى العاملة على المستوى الوطني، وهذا يجب أن يكون الهدف الرئيسي لدمج الوزارتين والمجالس والمراكز التي ذكرت، مع التأكيد على إتباعها لوزارة التعليم المقترحة.

اما إذا كان التفكير سطحيا بسيطا لتوفير بعض المال والوظائف فالدمج عديم الفائدة وخطير، وكذلك إذا بقيت الصلاحيات الرئيسة لعمل الوزارة مركزة بيد الوزير بعد الدمج ولم توزع المهام حسب الإختصاص للمجالس واضعة الاستراتيجيات والخطط والتنظيم، فلن يستطيع أي وزير ذلك، وستتعطل معاملات وأعمال الوزارة المستحدثة بعد الدمج الصوري..! بإنتظار توقيع الوزير..! لأن الوزير لن يكفيه الوقت لبعض الزيارات الميدانية للجامعات او المدارس وكذلك الإجتماعات عدا عن الاحتفالات والإلتزامات البروتوكولية، فإذا دُمجت الوزارتين وبقيت البيروقراطية فلا فائده من الدمج.

اعتقد أن ما طرحته يجب أن يكون الأساس والعنوان لعمل اللجنة المشكلة، بحيث تنظر إلى موضوع الدمج نظرة شمولية على الصعيد الوطني، بحيث تخطط لإصلاح التعليم، والتخطيط المحكم للقوى البشرية؛ عرض وطلب ونوعية وجودة، وكذلك تفعيل البحث العلمي، وتنظيم المراحل التعليمية والإشراف عليها، لنؤسس لخطة اصلاحية محكمة تنهض بالتعليم وتعمل على تنمية الموارد البشرية على المستوى الوطني ضمن تخطيط شمولي وتكاملي محكم ومتسق وتنفيذي.

نطمح ونرجو الأفضل دائماً لبلدنا، ويجب أن تدرس لجنة التربية في مجلس النواب موضوع الدمج بهذه النظرة الشمولية وكذلك الحكومة؛ قبل أن نعلن الرفض أو الموافقة بشكل آني وسطحي لعملية الدمج دون دراسة ورؤيا معمقة.

بلدنا فيه الخير ولدينا وزارات ومؤسسات وطاقات بشرية بمستويات عالية تحتاج للتفعيل والتأطير… حمى الله الأردن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى