الملف الإخباري- شارك الباحث د. مطلق ملحم بدراسة علمية محكمة بعنوان” الوعي الجمالي للفن الإسلامي ودوره في ثقافة وتنمية المجتمع في “مؤتمر ومهرجان الفن العربي المعاصر العاشر: الفن والثقافة “، الذي نظمته كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك، بالتعاون مع المكتب التنفيذي لاحتفالية إربد عاصمة للثقافة العربية لعام 2022م، خلال الفترة (7-10آب2022م)، وشارك العديد من اساتذة الجامعات والمختصين بالفنون وبمشاركة عدد من الدول العربية الشقيقة.
تأتي أهمية البحث الموسوم بـ “الوعي الجمالي للفن الإسلامي ودوره في ثقافة وتنمية المجتمع” إن الوعي الجمالي للفن الإسلامي، هي جزء من جمالِ الموضوع وهي عامل في تكاملِ جماله، إنها حركة ليس مادية فحسب وإنما هي جمالية أيضاً، فالوردة يتكامل جمالها باطرادِ حركة نموها، والنهر يبلغ غاية جماله بحركةِ جريانه، وسر جمال الكواكب في حركةِ جريانها، وحركة الضوء من الشهبِ ذات قيمة جمالية (زينة) وذات قيمة وظيفية. هذه الحركة هي مصدر المتعة الجمالية لدى المستجمل لأنها تختزن الوعد بالحياةِ، وهي مصدر قيمة وجودية لها دلالتها ووظيفتها في نسقِ الحياة،.
اضاف ملحم: “الفن” هو التّعبير الجماليّ عن فكرةٍ أو ذوق معيّن، وهو ميدان جدّ واسع وثريّ مثل الرّسم، المسرح، الطّبخ، السّينما، الموسيقى، فن العمارة، فنون التلوين، التصميم… إلخ، فكلّ هذه فنون لها ميادينها الخاصّة بها، وهناك من يُعرّفِ الفنّ بكونه النّشاط الإنسانيّ الذي يحمل دلالات الوجدان والإحساس والشّعور. (بصمة النّفس الإنسانيّة(، ولعلّ الوظيفة الرئيسة للفنِ هي تهذيب النّفس البشريّة، والارتقاء بها إلى أعلى مراتب التعبير الجماليّ.
الفن باب واسع ومؤثر خصوصاً بعد إحداث التطور التكنولوجي لمختلف الأجهزة السمعية والبصرية التي ساعدت على نقل المعارف الفنية ونجاح عملية الدَبلَجة للأفلام والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية. وأن يؤدي رسالته الإنسانية وأن يكون في خدمة المجتمع، وقد تسهم الآلة الموسيقية وخشبة المسرح وآلة التصوير والقلم والريشة واللوحة ورسم الكاريكاتير، في التعبير عن مختلف الفنون، كما يمكن لمحطات الإذاعة والتلفزيون أن تعين على التواصل بين الشعوب وتسهم في توطيد العلاقات والمشاعر الإنسانية فيما بينها. كما تلعب الصحف والمجلات والنشرات والكتب الفنية دوراً لا يقل أهمية عن الوسائل الأخرى في الحضور الإنساني ورفد المجتمع باحتياجاته الثقافية.
واضاف ملحم بقوله: هناك وجوه أخرى للفن كالرسم والخط والنحت يمكن أن تلعب ايضاً دوراً مهماً في تأصيل الثقافة ونشرها في العالم وتساعد في خلق الوحدة الإنسانية والوطنية والشعبية، ولعل رساماً أو نحاتاً يؤثر في الناس أكثر مما يؤثر غيره في أي مجال آخر، وبالمقياس فإن مثل هذه الفنون تشد الناظر الى حالات الإبداع والتعبير عن الموهبة التي وهبها الله للناس على أن لا تمس هذه المهن والحِرَف أية رموز محترمة ولا تتضمن إساءات وأن لا تدفع الى الغرور أو المساهمة في أي نوع من الفساد.
إن الفنّ بالمعنى العام هو جملة القواعد المُتّبعة لتحصيل غاية معيّنة: جمالا كانت، أو خيرا، أو منفعة. فإذا كانت هذه الغاية هي تحقيقَ الجمالِ، سُمّي بالفنّ الجميل، وإذا كانت تحقيق الخير سُمّي الفنّ بفنّ الأخلاق، وإذا كانت تحقيق المنفعة سُمّي الفنُّ بفنّ الصناعة.
والفن الصحيح هو الذي يهيئ اللقاء الكامل بين الجمال والحق، فالجمال حقيقة في هذا الكون، والحق هو ذروة الجمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها كل حقائق الوجود. من ذلك يتّضح أن الفنّ هو تحويلٌ للواقع بواسطة أساليب تعبيرية، وأدائية من نوع خاص، وسواء أكان الفن عملية تحويل، أو عملية رمزٍ، أو هروب من الواقع، أو تسامٍ عليه، فلا يهمّ ذلك .. إنما المهمّ أنه انتقالٌ من حقيقة عادية شائعة إلى عالم يفوق الواقع يتّصف بالجمالية، وحُسْن الذّوق.
وأضاف ملحم: الجمال مسألة حسية إدراكية غامضة، حائرة بين العلم والفلسفة والثقافة والحياة، بين الجمال الرباني “الطبيعة والكون الكبير” والجمال الإنساني “الانتاج الفني” الموضوع “العمل” والذات “المتلقي” والعلاقة بينهما، الروح والعقل، الفنان وعمله، العمل والجمهور، البحث في الجمال ودراسته وتحليله ومراقبة تأثيره، والأهم غرضية الجمال فما زالت قضيته أشد غموضاً، هل للجمال فائدة أم لا؟ ما فائدته للفنان المنتج للفن والناس المستهلكة له، وهل يستمتع الإنسان في كل وقته، وما الأشياء التي تجلب الفرح والسرور والمتعة وتنير البهجة عند كل فرد وفي أي مرحلة من عمره وعند أي حالة مزاجية له، تساؤلات وضعتنا في موضع إجابة منها عند كل إنسان الذي يهوى الجمال ويعشق الفن ويكره الكبح ومضاره وسلبياته.
مما ذكرناه هو شيئاً من فلسفة الفن ودور الإسلام الذي جعل هذا الفن من أرقى الفنون وأسماها، التي تحكم إنتاج الفنان المسلم، والتي انصح بها زملائي الفنانين بمختلف مجالاتهم البصرية مجسمة ومسطحة، وذلك ليكون إنتاجنا البصري الجمالي الإبداعي هو العامل الأقوى في نمونا البشري واقتصادنا المستقبلي وتكويننا حضارة عالمية، فالإسلام ليس ديناً خاصا بالعرب والمسلمين، وإنما انزله الله هدى ورحمة لكل العالمين.
وتضمنت الدراسة المحاور التالية: المقدمة، أهمية الدراسة، منهجية الدراسة، هدف الدراسة، ما هو الفن الجمالي، ما هو الفن الإنساني، مفهوم الفن الإسلامي، تاريخ الفن ونشأته، الزخرفة الإسلامية، خصائص الفن الإسلامي، الفن الإسلامي وزخرفة المساجد، العناصر المعمارية في المسجد، عمارة المساجد، الخط العربي وزخرفة المساجد والمباني، الفن التشكيلي ما بين الماضي والحاضر، الألوان وتأثيرها على المزاج والصحة، ما هو دور الفن الإسلامي في ثقافة المجتمع، المعنى العام للفن، هل الجمالية علم أم فلسفة، فلسفة الفن الإسلامي ودوره في حياة المجتمع.
زر الذهاب إلى الأعلى