مقالات
ملحم يشارك في ندوة احياء التراث العالمي الأردن
الملف الإخباري- شارك الباحث د. مطلق ملحم في ندوة “التراث الثقافي والطبيعي في الأردن” بورقة بحث بعنوان “سيكولوجيا الموروث الشعبي الشفاهي وأثره في المجتمع الأردني” بمناسبة احياء يوم التراث والمتاحف العالمي الأردن، قام بتنظيمها معهد مأدبا لفن انتاج وترميم الفسيفساء/جامعة البلقاء التطبيقية بالشراكة مع هيئة خبراء التراث في العالم العربي/مؤسسة تراثنا للدراسات والترميم ومقرها الجزائر، ومركز الحسو للدراسات الكمية والتراثية ومقره انجلترا، وجمعية المعماريين الأردنيين، بحضور نخبة من المختصين بالتراث المادي واللامادي الأردني.
قال ملحم: عندما نتحدث عن سيكولوجيا الموروث الشعبي الشفاهي وأثره في المجتمعِ الاردني، بمناسبةِ شهر التراث والمتاحف العالمي، فنحن نتحدث عن الأصالةِ التي تشكل جوهر الشخصية الأردنية، والتي لا تتعارضْ مع المعاصرة، بقدرِ ما توجه خطاها نحو كلَ ما يضمن خير الإنسان ونماء حياته، وهي مسيرة واثقة الخطى انطلقت منذ دبَت الخطى على أرضِ عالمنا العربي لبناءِ الإنسان قبل بناء مظاهر الحضارة المادية، باعتبار الموروث الشعبي الشفاهي في المجتمعِ الأردني جزءاً من ذاكرةِ التاريخ والمجتمع، وهي تنبض بمعانيها بثقافةِ المجتمع وبيئته ولغته ولهجاته المتعددة وعواطفه الجياشة وعاداته الأصيلة وعقيدته الراسخة، وهي من بقايا تراثنا الفكري الذي نسعى لحفظهِ خوفاً من الزوالِ، لأن الإهمالَ وعدم المبالات بتراثنا الأردني خاصة والعربي عامة سيقودان الى التلاشي. المحافظة على التراثِ والاثار بكلِ اشكاله واجب وطني ومسؤولية جماعية مشتركة تُجمع عليها الجهات الرسمية والمجتمع المحلي.
وأضاف ملحم: أن صنعَ التراث الشفاهي في مجتمعنا الأردنيِ لا يتوقفْ، وإن سيكولوجيا التراث الشفاهي لا تتوقفْ، وفي كلِ العصور نصنع عناصر تراثية جديدة ونورثها لمن يأتي من بعدنا، وموقفنا الطبيعي هو أننا في الوقتِ نفسه الذي نتلقى تراثاً فإننا نصنع تراثاً آخر جديداً يغني التراث الذي تلقيناه أو ورثناه، بحيثِ يصبح القول أن مهمتنا لا تنحصرْ فقط في تلقي التراث وإنما أيضاً، وربما بقدرٍ أكبر، في “إبداعِ التراث” والحفاظ عليه للأجيالِ القادمة. وخاصة ما يتعلق بالعاداتِ والتقاليد الأردنية، كون التراث الشفاهي له أبعاد نفسية واجتماعية على قدرٍ كبير من الأهميةِ تساهم بشكلٍ فعال في تأسيسِ قيم ومبادئ المجتمع، وترمز إلى مقوماتهِ العميقة، وهو ما يميزه عن مجتمعاتٍ أخرى، فالهوية الاجتماعية، تتحدد استناداً إلى ما يميز أفراد هذا المجتمع في خصائصهم الثقافية، التي تتأتى من التراثِ نفسه.
وأضاف ملحم: إن سيكولوجية التراث الشفاهي وأثره في المجتمع الاردني على وجازتهِ وقلة الفاظه إلا أنه يحمل الكثير من المعاني العميقة والدلالات الدقيقة والقضايا الهامة، والتي أصبح طرحُها وبحُثها أمراً ملحاً وضرورياً لمجتمعنا الأردني والعربي. حيث أكدت الرؤية المتميزة في احداثِ انجازات المعرفة الإنسانية المعاصرة، في تعزيزِ روح الطموح لدى الدارسين والباحثين في التراثِ الأردني الشفاهي غير المادي لتقديمِ مساهمات أصيلة ترفد هذه المعرفة وتطورها، خاصة ما يتعلق منها بواقعنا وثقافتنا ولغتنا، باعتبارها مفتاح النهضة العربية في تحفيزِ البحث وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات العلمية وانتاج دراسات في مختلفِ مجالات العلوم الاجتماعية والانسانية والى حفظ الهوية والشخصية الوطنية، خاصة بعد أن وقعَ الأردن على الاتفاقيةِ الدولية لصونِ التراث غير المادي واتفاقية حماية وتعزيز التنوع الثقافي لإبرازِ ثقافات الشعوب.
فالأدب الشعبي الشفاهي الأردني خاصة وبلاد الشام يتميز بمجهوليةِ المؤلف في أكثرِ الأوقات، والتناقل الشفاهي وقوته، حتى أنه ضارب بثقلهِ في أرجاءِ الحياة، مما شجعني أن أوضحَ بعض النقاط المهمة، والتميز لعلمِ النفس في رؤيةِ الشخصية الأردنية خاصة والعربية في بلادِ الشام عن كثبٍ، ووضع من خلالِ التراث الشعبي الشفاهي بما يحمله من عمقٍ ودلالات. كما أن علمَ النفس ليس أقل شأناً من باقي العلوم ليدلو بدلوه في فهمِ الشخصية الأردنية فهماً حقيقياً، يعكس دور هذا العلم في فهمِ الإنسان ببيئته الثقافية والاجتماعية، والبيئية الأصيلة، بدلاً من بحثِ عن فروضٍ ونظريات جاهزة لفهمِ الإنسان لا تتسقْ مع طبيعته المتفردة.
لا يقتصرْ الموروث الشفوي على جوانبِ اجتماعية فحسب بل هو قبل كل شيء، فاعل نفسي في حياةِ الفرد، يترك أثاراً واضحة على الجوانبِ النفسية للمتلقي، الذي يتفاعل مع هذا التراث، مكوناً تصوراً متوازن عن الحياةِ وكيفية التعامل معها، ويمكن حصر أهم الأبعاد النفسية للتراثِ الشفوي فيما يلي: الشعور بالانتماء، تقدير الذات وزيادة الثقة بالنفسِ، التراث الشعبي الشفاهي يرفع نسبة الذكاء والحكمة، وقد أسهم التراث بوصفهِ أحد آليات الدفاع عن خصوصيةِ الثقافة وأصالتها، وعن الهويةِ الوطنية للإنسانِ العربي. تختلف مجالات التراث الشعبي من باحثٍ إلى آخرِ تبعا للزاويةِ التي ينظر كل واحد منها للتراثِ، وللمكانِ الذي ساد فيه هذا التراث وبُنيت دراسات توثيقية عليه، ولكن القراءةَ الموضوعية المؤسسة على التراثِ الشعبي العربي، تتطلب وجود خمسة مجالات رئيسة تتفرع منها مفردات مختلفة وهي: الأدب الشعبي، العادات والتقاليد، المعتقدات والمعارف الشعبية، الثقافة المادية، الفنون الشعبية الأدائية.
وأوصي ملحم بتعديل زاوية النظر إلى المبدع الشعبي بوصفهِ إنساناً مؤثراً وسط جماعته، يجب الالتفات إليه، وإعطاؤه مكانته التي يستحقها وصفه ممثلاً للثقافة الأصيلة لدى المجتمعات، فضلاً عن ضرورةِ دراسة الموروث بمناهجٍ فلسفية في إطارِ البيئة المحلية.
كما قدم عدد من الباحثين المختصين بالتراث محاضرات بعنوان متعددة حول: توثيق المواقع الفسيفسائية في الأردن، مشروع تراث الحرف التقليدية في الأردن وسوريا، التراث الثقافي المغمور بالمياه في الأردن، مشاريع التطوير في المواقع التراثية ما بين السياحة وتنمية المجتمعات المحلية، نهج جديد في دراسة وتنفيذ الفنون الزخرفية في الأردن.