ها قد اقترب شهر رمضان ، و لسان حالنا يقول باي حال عدت يا عيد ، يأتي رمضان هذا العام و في القلب غصة عما يحدث لاهلنا في غزة ، نحن شبه عاجزين عن وقف هذا الجنون عن وقف كل ما يحدث في هذه البقعة المعزولة عن العالم الذي كان يسمى بالانساني و المتحضر
ماذا عسانا أن نقول و قد فقدت الكلمات مضمونها و لم نعد قادرين على استيعاب ما يحدث ، ما زلت ادعوا الله و اناجيه في غسق الليل علها تكون ساعة استجابة ، يا رب ارحم الشعوب من نار الحروب ، و اقول في نفسي و ماذا بعد ، هل غدت حياتنا اشبه بمن يشاهد استعراض مسرحي طويل الى درجة الألم ، و الله لقد كانت الشعوب العربية تتعاطف مع ضيوف برنامج رامز جلال اكثر من تعاطفها عما يحدث من قتل و تشريد و إبادة ، رغم علمنا يقيناً بأن كل ما يجري هو من قبيل الفن الإستعراضي الممزوج بقليل من الإثارة و الحماس ، لضمان تكملة المشاهد الى النهاية
و لكن الغريب في الأمر أننا في بداية برنامج رامز جلال كانت كثير من الاصوات تعلو مطالبة بوقف البرنامج كونه يمجد العنف و يشجع على امتهان كرامة الضيوف و التنكيل بهم و تعذيبهم بشتى الوسائل ، ثم يتبع هذه المطالبات ردود بين موافقة و رفض و في النهاية يتم عرض البرنامج بعد أن يكون قد احتصل على تسويق و دعاية مجانية ، و المفاجأة الاكبر حين يتبين لاحقاً بأن البرنامج حظي بنسبة مشاهدة عالية جداً تخطت كل التوقعات ، مما كان يشكل صدمة لجمهور المعارضين ، لا بل و استمر الامر على هذا الحال لسنوات عدة ،
الكثير من الجماهير العربية تعترض على البرنامج في العلن و هؤلاء انفسهم المعترضين نكتشف لاحقاً بأنهم متابعين لحلقاته بل و ينتظرون عرضها بفارغ الصبر .
هذه المقاربة الغريبة يمكن اسقاطها عما يحدث في غزة تماماً ، فالشعوب بدأت تصرخ مطالبة بوقف الحرب في بدايتها ، ثم بدأت تعتاد و تألف المشهد و تتابعه بانتباه و تركيز، ثم تحولت الى متابعة لمجريات الامور و المشاهد بشكل اقرب بمن يشاهد عرض مسرحي لشكسبير في المسرحية التي كتبها في النصف الاخير من حياته و كان مضمونها أن الأمور بخواتمها
و تقول كل شيء بخير وسينتهي بشكل جيد All’s Well That Ends Well
هذه المسرحية الساخرة لشكسبير ، كثيراً ما تعتبر من مسرحياته التي أثارت جدلاً ، وذلك كون مثل هذه المسرحيات لم يُستطع تصنيفها مأساوية أم ساخرة، و هذا هو حالنا مع ما يحدث
نشاهد مأساة انسانية واقعية تحدث امام اعيننا كل يوم بمنظار السخرية من العدو و من خساراته المادية في المال و العتاد و التي لا تُقارن مع عشرات الالاف من الارواح البريئة التي ازهقت ، و مئات العائلات التي شردت ، و مثلها من البيوت التي هدمت ، وما زال ينتظرهم الاقسى و الاصعب و الاشد ضراوة
و نحن مازلنا على حالنا نشاهد على امل ان ينتهي المشهد كما نهايات حلقات رامز بالمشاهد السمجة.
او ينتهي كما برنامج الصدمة يبدأ بايهام الحاضرين بموقف انساني و عندما يتدخل الاخرين لايقاف دموية المشهد يظهرون لهم بأنه كان مشهداً تمثيلياً لقياس درجة تعاطف و انسانية من كان حاضراً ، ثم يفاجأون من ابدى انسانية تجاه ما رآه من اساءة و تجريح بأن المشهد لم يكن سوى مشهداً تمثيلياً ، فيظهر المقدم السمج و المخرج الاكثر سماجة وهم يتضاحكون على من اظهر انسانية و نخوة او شهامة لانقاذ انسان تعرض لموقف مؤلم او تجريح متعمد
وبعد كل هذا الكم الذي اغرقتنا به الدراما العربية من هكذا برامج
اجدني اطرح سؤالاً قد يبو ساذجاً ايعقل أن تكون كل هذه البرامج هي تمهيد لما سيكون عليه حالنا
وكل هذه المبالغ الخيالية التي صرفت على برامج تهدف الى نزع بذره التعاطف تجاه المواقف الإنسانية و برمجة العقل على انها مشاهد تمثيلية و غير حقيقية
ام انها تهدف الى قياس درجه التغير لدى المواطن البسيط من انسان شهم أصيل يدافع عن المظلوم الى انسان لا يبالي بمن حوله ؟!
كثير من التساولات تثور في نفسي و انا اشاهد ما وصل اليه حالنا
و لسان حالي يقول
لكم الله يا اهل غزة
فنحن لا نكاد نقوى على استيعاب كل ما حدث و يحدث و سيحدث•••
زر الذهاب إلى الأعلى