الملف الإخباري- شارك الباحث الأردني د. مطلق احمد ملحم في المؤتمر العلمي الدولي السادس “اللعة العربية وآدابها هوية حضارية ثقافية علمية معاصرة” بورقة بحث محكم بعنوان “سيكولوجيا التراث الشفاهي وأثره في المجتمع الأردني” الذي اقامه الاتحاد العالمي للأكاديميين ورواد العالم العربي والناطقين بلغتهم بالشراكة مع أكاديمية بلاد الشام للتدريب المجتمعي، وجمعية أصدقاء البرلمان الأردني، في جامعة البلقاء التطبيقية/ السلط، وبرعاية وزير الثقافة هيفاء النجار واناب عنها مدير عام المركز الثقافي الملكي د. سالم الدهام، وبمشاركة العديد من ذوي الاختصاص وبمختلف المجالات محليا وعدد من الدول العربية.
وقال الباحث مطلق ملحم يعتبر الموروث الشعبي الشفاهي في المجتمعِ الأردني جزءاً من ذاكرةِ التاريخ والمجتمع، وهي تنبض بمعانيها بثقافةِ المجتمع وبيئته ولغته ولهجاته المتعددة وعواطفه الجياشة وعاداته الأصيلة وعقيدته الراسخة، وهي من بقايا تراثنا الفكري الذي نسعى لحفظه خوفاً من الزوالِ، لأن الإهمالَ وعدم المبالات بتراثنا الاردني خاصة والعربي عامة سيقودان الى التلاشي. المحافظة على التراثِ والاثار بكلِ اشكاله واجب وطني ومسؤولية جماعية مشتركة تُجمع عليها الجهات الرسمية والمجتمع المحلي.
وأضاف ملحم بقوله: إن هذا البحث الموسوم بـ (سيكولوجيا التراث الشفاهي وأثره في المجتمع الاردني) على وجازتهِ وقلة الفاظه إلا أنه يحمل الكثير من المعاني العميقة والدلالات الدقيقة والقضايا الهامة، والتي أصبح طرحُها وبحُثها أمراً ملحاً وضرورياً لمجتمعنا الاردني والعربي. حيث أكدت الرؤية المتميزة في احداثِ انجازات المعرفة الإنسانية المعاصرة، في تعزيزِ روح الطموح لدى الدارسين والباحثين في التراثِ الاردني الشفاهي غير المادي لتقديمِ مساهمات أصيلة ترفد هذه المعرفة وتطورها، خاصة ما يتعلق منها بواقعنا وثقافتنا ولغتنا، باعتبارها مفتاح النهضة العربية في تحفيزِ البحث وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات العلمية وانتاج دراسات في مختلفِ مجالات العلوم الاجتماعية والانسانية والى حفظ الهوية والشخصية الوطنية، خاصة بعد أن وقعَ الأردن على الاتفاقيةِ الدولية لصونِ التراث غير المادي واتفاقية حماية وتعزيز التنوع الثقافي لإبرازِ ثقافات الشعوب. هذه الورقة تهتم بدراسةِ سلوك تأثير التراث الشفاهي على الانسانِ الاردني خاصة والعربي عامة واهمية استيعابهم وتفكيرهم بها، كما يُعنى بدراسةِ عمليات الإدراك الحسي، والتفكير، والتعلم، والانفعالات لدى المتلقي، والدوافع في قولها ومدى تأثيرها على المستمعِ والقائل سلباً أو إيجاباً، ومعرفة تكوين الشخصية والسلوك لدى الإنسان الطبيعي، كما يعالج الكثير من القضايا عند التفاعل بالتراثِ الشفاهي وحسب البيئة المحيطة به.
وأضاف ملحم: ان التاريخَ الشفوي يمد أجنحته إلى مختلفِ العلوم الأخرى من الجيولوجيا وحتى الموسيقى ويشكل رافداً مهما للحياةِ في الأردنِ، وما يتعلق بالتاريخِ الاجتماعي خاصة، أن “الروايةَ الشفوية تشمل جميع الأحداث التي لم تكتبْ والأمور التي سُجلت وبقيت في الادراجِ او السجلات”. خاصة في هذهِ الأيام التي تتراجع فيها الذاكرة ويطويها النسيان حيث أن دولاً كبرى بدأت تلجأ إلى الذاكرةِ الانسانية لصونِ تراثها وأرشفة الاحداث التاريخية في مسيرتها. للتراثِ عندَ الأردني خاصة والعربِيِ ِعامة، علائقُ كُبرى تُضفي عليه لا الثراءْ فحسب وإنما أيضاً السلطةَ والقداسة، حيثُ تشيرُ جميعُ القرائنُ إلى أنَ قضيةَ التراثِ ستظلُ أحدَ هواجسِنا الرئيسةِ في السنواتِ القادمةِ من هذا القرن، وإلى أنهائها، إنْ لمْ تُوضعْ بعد ذلك وضعاً صحيحاً، قد تصبحُ مصدرَ قلقٍ مقيمٍ وحيرةً دائمةً للأجيالِ التي ستتحدر من أصلابنا. وللتراثِ ثلاثة امتدادات وهي: امتداد ديني في الأزلِ، وامتداد قومي في التاريخِ، وامتداد انساني في الكوني المباشر، وكل واحد من هذهِ الامتدادات يمثل في ذاتهِ التزاما محدداً: التزاما بالحقيقةِ، والتزاماً بالأمةِ، والتزاماً بالإنسانِ، وقضية التراث مدعوة إلى أن تتحددَ في ضوءِ هذه الامتدادات وما يلزم عنها.
واوضح ملحم كذلك: أن صنعَ التراث الشفاهي في مجتمعنا الأردنيِ لا يتوقفْ، وإن سيكولوجيا التراث الشفاهي لا تتوقف، وفي كلِ العصور نصنع عناصر تراثية جديدة ونورثها لمن يأتي من بعدنا، وموقفنا الطبيعي هو أننا في الوقتِ نفسه الذي نتلقى تراثاً فإننا نصنع تراثاً آخر جديداً يغني التراث الذي تلقيناه أو ورثناه، بحيثِ يصبح القول أن مهمتنا لا تنحصرْ فقط في تلقي التراث وإنما أيضاً، وربما بقدرٍ أكبر، في “إبداعِ التراث” والحفاظ عليه للأجيال القادمة. وخاصة ما يتعلق بالعادات والتقاليد الأردنية والحكايات والأشعار الشعبية والأمثال ولاسيما البدوية منها.
يتمثل التراث بشقيه المادي والشفوي جانباً مهماً في حفظِ الموروث الشفاهي، وتناوله بين الأجيال والأمم في الحضاراتِ الانسانية، غير أن التراثَ الشفوي كان له الحظ الأوفر في انتشارهِ، نتيجة طبيعته البسيطة في المعنى والصناعة اللغوية، غيرـ أن سيرورة مشواره كان قصيرً، بسببِ اندثار الكثير من مضامينِ هذا التراث نتيجة النسيان، أو ضعف التلقين، مقارنة بالتراثِ المادي الذي استطاع الصمود عبر حقبات من الزمنِ. المقصود هنا هو التراث الشفاهي الأردني، فهو عربي بحكم اللغة التي حملت مضامينه، وإسلامي بحكمِ أصوله المعرفية واتجاهاته البحثية، ويمثل هذا التراث في مجملهِ ناتج الحركة العلمية والفكرية التي بدأت إثر نزول القرآن الكريم وبلغت قمتها (خاصة في مجال السايكلوجيا) في القرنِ الخامس الهجري. وقد تضمن البحث الموسوم «سيكولوجيا التراث الشفاهي وأثره في المجتمع الأردني» المحاور التالية: المقدمة، مشكلة البحث، هدف البحث، أهمية البحث، منهجية البحث، فرضيات البحث، أثر سيكولوجيا التراث الشفاهي، اشكالية تلقي التراث الشفاهي، المبدع الشعبي في التراث الشفاهي، ثقافة المجتمع وحرية المبدع الشعبي، الحريات وفنون التشكيل الشعبي، مبررات اختيار الموضوع، حرية الأبداع لدى المبدع الشعبي، استخدام الرمز دلالة لحرية التعبير، فلسفة الموروث الشعبي، مناهج دراسة الفلكلور الشعبي، الاتجاهات المنظرة للفلكلور واهتماماته، العادات والتقاليد.
زر الذهاب إلى الأعلى