الملف الإخباري- معضلة إعلانات التعيين لأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية وما يرافقها من إشتراطات بعضها محق وقانوني وبعضها مخالف للقوانين والأنظمة، وباتت مشكلة مؤرقة للكثير من حملة الدكتوراه الباحثين عن فرصة تعيين في جامعاتنا..!، كتبت بهذا سابقاً تحت عنوان”مطلوب عضو هيئة تدريس QS..!” ولتاريخه تستمر الإعلانات متضمنة بعض الشروط غير القانونية، والتي لا تتوافق لا بل تخالف قانون الجامعات الرسمية وقانون الجامعة المعلنة نفسها، حتى لو صدرت عن مجالس العمداء..! لأن الفقه القانوني يؤكد أن مجالس العمداء تصدر تعليمات يجب أن تكون مستمدة ومرتكزة على القوانين والأنظمة، وما لا يفهمه البعض، أن التعليمات لا تنشيء حقوق ولا تغير فيها ولا تعدلها، وتكون باطلة إذا خالفت القوانين والأنظمة، ولو كان هذا دور مجالس العمداء لما احتجنا لقوانين وأنظمة للجامعات.
ومثال على ذلك تحديد العمر المطلوب بأن لا يزيد عن 45 أو 50 عام، وقانون الجامعات يتيح العمل لعضو هيئة التدريس لسن 70 وتم التعديل ل 75 ضمن شروط.
ومثال آخر إشتراط عدم توجيه عقوبة من الجامعات التي عمل فيها، والقانون يحدد ذلك بالقضاء فقط باشتراط عدم الإدانة بجريمة أو جنحة مخلة بالشرف…الخ ! ومثال آخر يوضع على عواهنه..! من الإعلانات أن يكون خريج جامعة تعترف بها الجامعة المعلنة..!، ونحن نعرف أن هنالك نظام وتعليمات معادلة الشهادات الأجنبية والإعتراف بالجامعات الأجنبية هو من صميم عمل وصلاحية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأتحدى أن تطلعنا أي جامعة على تشريعات تتيح لها الإعتراف من عدمه بالجامعات غير الأردنية… ! لا يوجد وهو شرط يكرره الجميع بالتكرار والتعود من غير وجود أي سند قانوني له، ولا يجوز للجامعات أخذ صلاحيات الوزارة بهذا الشأن..!.
فهذه اجتهادات مخالفة قانونا وقولاً واحداً، ويجب أن لا تغرق الجامعات بشروط اجتهادية تخالف القانون، ولا انسى شرط مساواة معدل الثانوية العامة بالمعدلات المقبولة لذات التخصص بوقت الإعلان… ! وهذا مخالف تماماً للقوانين والأنظمة، وتستطيع الجامعة معالجة كل ذلك بأوزان ونقاط في جداول المفاضلة، لأن الإغراق غير القانوني في الشروط يحرم الراغبين في التقدم من حقوقهم، وقد يكون أحدهم متميز جداً ولكن لشرط عبثي هامشي وغير مؤثر تُحرم الجامعة من خدماته، أو أن نقع تحت شبهات التفصيل الإعلاني الموجه لشخص بذاته..!.
وأقتبس واكرر ما كتبته سابقا بهذا الموضوع، ووصلتني وتصلني كثير من الملاحظات بهذا الخصوص من حملة الدكتوراه خريجي دول مختلفة ومن جامعاتنا، والحديث يدور حول إشتراطات تعجيزية أو تفصيلية غير منطقية، والذهاب بعيداً في تفصيلات ومتطلبات؛ تجعلك مدرك أن هذا الإعلان (مفصل تفصيل) لشخص ما يراد تعيينه إما بالواسطة أو بالواسطة أو بالواسطة..!. وبالغالب هذه الشروط مخالفة لتشريعات التعليم العالي في بلدنا.
لا ننكر حق الجامعات في إختيار افضل الكفاءات لكادرها التدريسي، ونعرف أن هنالك شروط إعتماد لنسب الرتب وجهات الدراسة وغيرها، ولكن الموضوع بدأ يذهب لمناحي واشتراطات تعجيزية مجحفة وغير قانونية مع انها قد تكون مدرجة بجدول المفاضلة، ولا تأخذ بعين الإعتبار الكثير من الأمور واهمها وضع الجامعة المعلنة..! والشروط المقرة في تشريعات التعليم العالي وهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، وأمثلة أخرى ادرجتها سابقاً:
1- تشترط بعض الجامعات في اعلاناتها أن يكون عمر عضو هيئة التدريس المتقدم للتوظيف، لا يزيد عن 45 عاماً…! فكيف يتوافق ذلك مع تشريعات التعليم العالي التي تسمح لعضو هيئة التدريس العمل لسن 70 عاما… وتسمح بالتمديد لعمر 75 عاما..! نتفهم ذلك إذا كان الشرط للإبتعاث… لإطالة ما يشبه( العمر التشغيلي للآلات… !)، ولعضو هيئة التدريس عمر العمل لغاية 70 بحسابات المردود المادي..!
2- تقرأ إعلانات لجامعات مختلفة وأحياناً لذات التخصص فتلاحظ أن المزاجية تأخذ مأخذها؛ جامعة تطلب أن يكون المتقدم خريج أول 200 جامعة على العالم، وأخرى 150… وأخرى 500… وحدث ولا حرج… وغيرها تطلب أن يكون المتقدم خريج (نوع QS… مجازاً… !)… مثل خريج جامعة من أول 700… .500… .400… ! على تصنيف QS… وقد تكون الجامعة المعلنة في ذيل ترتيب الجامعات المحلية… ! ويتناسى المعلنون أن جامعاتنا لم تدخل تصنيفات مرموقة مثل شنغهاي؛ التصنيف الاكاديمي لجامعات العالم (ARWU) أو تصنيف QS، ولا تعلم بعض جامعاتنا أن خريجي الصف الأول من الجامعات في التصنيفات العالمية مطلوبون لجامعات في دول مجاورة او غربية ويدفع لهم رواتب وامتيازات أضعاف ما تدفعون… فمن لديه عقد ب 10-15 ألف دينار وامتيازات كثيرة، كيف سيتقدم لجامعات تدفع لعضو هيئة تدريس أستاذ مساعد ما يقارب 1200 دينار في الجامعات الحكومية… وما يقل عن 700 دينار في بعض الجامعات الخاصة..!.
3- تحمل بعض الإعلانات شروط تعجيزية وطلبات ما أنزل الله بها من سلطان… ! وكأن القصد أو كما يقول البعض: بعض الأقسام الأكاديمية مغلقة في جامعاتنا… ولا يريدون تعيين دماء جديده بقصد السيطره والحفاظ على المكتسبات والإضافي… أو الحساسية من الخبرات المتميزة التي ستكشف ضعف البعض، فيتم اللجوء لإعلانات تعجيزية لا تمرر أحداً… ولا يُنظر علي أحد بالقيم العليا الأكاديمية..! للأسف هنالك من يمارس ذلك بصلافة، ولكم أن تلاحظوا ذلك في بعض الأقسام في جامعاتنا والتي لم تضخ دماء وخبرات جديدة فيها منذ سنوات ..!.
4- تلاحظ في كل او غالبية إعلانات الجامعات لتوظيف أعضاء هيئة تدريس، شرط يذيل الإعلان( للجامعة الحق في إلغاء الإعلان أو إعادته أو… أو..)، المفهوم الطبيعي والمنطقي هنا؛ إذا لم يتقدم من هو مؤهل أو يحقق الشروط الموضوعة، ولكن يقول البعض من الواقع؛ أن بعض الإدارات في الجامعات، تحاذقت في تفصيل الإعلان لأحدهم، ولكن ومن باب التحوط..! قد يخرج لهم أحد غيره لديه ذات المواصفات وأفضل، فيسقط في يدهم..! وحتى لا يلزمهم بتعيينه، يتم إلغاء الإعلان وإعادة الإعلان مع شروط جديده مفبركة ومضمون عدم وجودها في المنافس…ومن لا يصدق هذه الأفعال الشيطانية، فقد سمعناها من ذاكرة الأكاديمين عبر تاريخ مضى وحالي… وسنسمعها مستقبلاً إذا استمرت بعض العقليات التي لا تهمها المصلحة العامة وتهتم بتحقيق مصالحها الذاتية، ونتمنى أن لا يكون ذلك في جامعاتنا…!.
5- قضية أخرى إشتراط عدد من الأبحاث وفي قواعد بيانات بعينها، ولا يأخذ بالحسبان أن بعض المتقدمين خريجين جدد أو أنه لم تتاح لهم بيئة أكاديمية تساعدهم على البحث، وأن ذلك لا يميز بين نجاح المتقدم في التدريس علي حساب البحث، وكذلك فقضية الأبحاث موجودة عادة في جداول المفاضلة وتعطى أوزان بنسب ونقاط، فلماذا الإشتراط المسبق؟.
مع إيماننا بضرورة التطوير وتحسين النوعية والكفاءة لإعضاء هيئة التدريس وكذلك الرقي بالتعليم العالي في بلدنا، إلا أن بعض الممارسات ومثال عليها ما أسلفت، ستقف حجر عثرة في تعيين الكثير من المؤهلين أصحاب الكفاءة، بسبب اشتراطات وشطحات مزاجية هنا وهناك.
الحل أن يتم توحيد الشروط في إعلانات الجامعات لطلب أعضاء هيئات تدريس، بحيث تتوائم مع متطلبات هيئة الإعتماد بما يخص الجامعة المعلنة، وتحقق متطلباتها والنسب فيها وكذلك القوانين والأنظمة ومعايير الكفاءة، لكي نضبط ونلغي المزاجية أو أي أهداف لا تصب بمصلحة الجامعات والوطن والباحثين عن فرصة للعمل في التدريس الجامعي، ولكي نتيح الفرصة للمتقدمين للإنخراط في الأكاديميا، ولا ننسى أن التعيين يكون بداية تحت التجربة( محاضر متفرغ) أو رتب أخرى ويحكمها أيضاً نظام التعاقد والتثبيت بالخدمة الدائمة، ومن لا يثبت كفائته لا يستمر.
ومعروف أن الإدارات الجامعية تستطيع أخذ قرارات تعيين دون إعلان لأعضاء هيئة تدريس من المتميزين جداً والندره في تخصصات معينة بطريقة الإستقطاب كإضافة نوعية للجامعة، نتمنى أن يؤخذ ما ذكرته وغيره بعين الإعتبار لدى إدارات التعليم العالي في بلدنا… حمى الله الأردن.
زر الذهاب إلى الأعلى