مقالات

عَيّد..واصنع الفرح…! د. مفضي المومني

الملف الاخباري

عَيّد..واصنع الفرح…! بقلم د. مفضي المومني.
2022/7/9

كل عام وأنتم بخير شعبنا الطيب… كل عام وأردننا الذي نحب وأهله بخير…رغم أنف حاضر صعب ومستقبل مجهول ورغم أنف كل صانعي المنغصات واللي (منكدين علينا ومطينين عيشتنا)..ورغم أنف كل فاسد وحاسد ومتآمر، كل عام وأمتنا بعز وخير…اكتب للعيد وفي كل مرة أبحث عن جديد، ولكن الظن يخيب فأجد أن ما كتبته لأعياد مضت أفضل..!، فكرت أن اتفاءل… حتى لو اصطنعت الفرح…(ولو بضحك عحالي) تجولت في سوق ووسط اربد أول أمس راجلاً كعادتي، بدأت من أول شارع بغداد إلى سوق الحب ثم شارع السينما والحسبه وشارع فلسطين ثم شارع ايدون وشارع الحصن والجامعة والحصيله قرابة ستة من الكيلو مترات، وأنا متعود على ذلك يوميا، للحقيقة حاولت الإحتكاك والإشتباك مع الكثير ممن واجهتهم… إما بالملاحظة أو الحديث أو السؤال أو المراقبة… والنتيجة، تواجد ضعيف وقوة شرائية شبه معدومة، البسطات تغلق الشوارع وأرصفة المشاة…ولا تسمع إلا سمفونية الباعة الذين بُحت أصواتهم دون جدوى… (كله بنص… بدينار على ليرتين…عيد بليره… بدينارين حلو العيد بدينارين… فرح ابنك بنتك مرتك… عيد يا طفران… وما ظل إلا ينادوا الغلابى بالأسم..!) التجار أصابهم الإحباط والملل من ندرة الزبائن، فقط مطاعم شاورما شعبية محدودة كان لديها شبه إزدحام..!، أنظر في وجوه الناس وأقرأ غياب لمحات العبوس وقلة الفرح، وعدم الإهتمام وكأن الناس تهيم على وجهها وما حد بيحكي مع حد، يا الله… ليس هذا ما كنا نعيشه قبل سنين خلت من صخب وزحمة وتهافت، وسألت نفسي هل فعلا هذا اليوم الذي يسبق يوم الوقفه؟ طيب الكل استلم الرواتب..؟ ولكن الإجابة تداهمني لا بل تصفعني، الأوضاع الإقتصادية تعبانه، الركود يقتحم حياتنا تجاراً ومواطنين، لم تغريني الكتابة واستعرت مما كتبته سابقاً لعلي ابث فيكم شيئا من فرح مفقود.

يا ألله… بكره العيد وبنعيد… وبنذبح بقرة سعيد… أغاني الطفوله، كنا نرددها كل عيد هي واهازيج بوهيمية أخرى… كنا أطفال وكان الفرح عفويا ومشروعاً… كانت التعريفه تفرحنا… وحفنة الفيصليه والمخشرم…وحبة التوفي المعتق من السنة الماضية ربما… ! ونطير فرحاً بحبة السلفانا(الشوكلاته الوحيدة ايام العز والرز والطفولة الغضة)…والتي كانت تخبأ فوق النملية بعيداً عن أيادي الأطفال… وإذا حصلنا عيديه قرش أو قرشين، فالبذخ أن نشتري بسكويت غندور…أو قنينة بيبسي او ميرندا أو كراش… أو سحبة بالونات أو دواحل او طابه أم سبع جلود… ولا تنسوا فرد الفقيع او الماء والباروده البلاستيكية… والفُريره والكثير الكثير من العاب العيد الطفولية…وكان البوط الصيني الجديد الأسود ابو إصبع إن وجد… كشخة العيد ! وملابس العيد البسيطة إن وجدت..! كان الفرح فطرياً طفولياً مشروعا… مغمساً باطياف العوز والفقر والحاجة والحرمان لكنه كان متلازمة طفولتنا البريئة…! لأنه منذ تلك الأيام وكلما كبرنا ونضجنا… غاب الفرح وعزت الإبتسامة والعفوية…وهو موروث تربينا عليه، ممنوع تفرح، من خلال تعليمات صارمة غير معلنة؛ الضحك بيقلل الهيبه..! الكشره ماركة مسجلة للرجوله..! وصاحبنا ذات الموروث في جيناتنا كلما تقدم بنا العمر… حتى صار شعبنا الأردني يوسم بالشعب الزعلان على رأي كاتبنا فخري قعوار… .
ما علينا… كنا نود أن نفرح او نتصنع الفرح… كنا نود أن نفرد الإبتسامة ولو مصطنعة…! ولكن… من حيث لا تدري تداهمك كل صنوف المنغصات والمشاكل والعوز الشعبي والوطني… ومع كل هذا انصحكم بالفرح والإبتسامة…وتناسي ما ينغص لأنه مبين ( الشغله طويله)… .ولا تنتظروا وعود الحكومات بغدٍ أفضل… أو الخروج من عنق الزجاجة إياها… أو النهضة التي أضحت نكسه، ولا حتى حكومة البولابيف والأرز المصري…ولا الأيام الجميلة التي لم تأتي بعد…! إصنع الفرح لنفسك… إضحك وابتسم( حتى لو كنت تعرف أنك بتضحك على حالك..!) فالقادم ليس أفضل بجهود جهابذة التخطيط والإدارات والوزارات، كابوسنا الجاثم على صدورنا (كالقدَّر المستعجل لا بل البطيء جداً)، إبتسم لهم؛ ذوي الإطلات البهية والذين يدورون أباً عن جد، وكابراً عن كابر مع سبق الإصرار والتناحة والترصد، وكأن الأردنيات عقمن أن يلدن غير ذات الطبقة وذات العائلات…!، وكأنهم قدرنا المبرم رغم خيباتهم، ونتائجهم (الطشيه) حتى تاريخه..! ، مع ثقتنا بالله أن يكون غدنا أفضل…دون وعود اللي معكم خبرهم وفذلكاتهم.
العيد هذه السنة مُثقل بكل صنوف العيد و الا عيد..!، داهمتنا في الأيام الأخيرة؛ حوادث وجرائم وإزهاق أرواح… افزعتنا جميعاً، الفعل الحكومي والنيابي غايب طوشه والهوة تتسع حد الطلاق البائن بينونة كبرى..!، قنينة النفط المعتق والوعد القديم من ذات الوزيرة… بنفط نعوم عليه و(نلبسله الدشاديش) تبين أنها إحتفاليه للذكرى، فقد قالتها الوزيرة لرئيس الوزراء من لما اختزلت الآبار والبراميل بقنينة ( عصير تفاح)… ومن يومها وأنا مرعوب، فقد حدثني عقلي الباطن الملعون، بأنه (هاي أول وآخر مره بتجيبوا سيرة النفط، نفط ينفطكوا)، وخلينا نغير الموضوع بلاش… .! طبعا أعتقد أن الغنم والماعز سيفرح كثيرا هذا العيد، الأسعار بالعلالي (وما فيش مصاري)، حتى أن البعض وعلى سبيل التندر يدعو للطلب من رجال الدين والإفتاء السماح بتضحية ما تيسر حتى لو فرخ دجاج..!.

وها نحن في أول أيام العيد، رغم كل شيء، سنُعيد (من غير بقرة سعيد) ونزور الأرحام كعادتنا، والعيدية جاهزه لدى البعض، ومع الخصم للنصف او أكثر لقلة ذات اليد وللتعطل وعدم وجود دخل للبعض الآخر( وارتباطها بأسعار المحروقات..!)، ورغم ضيق الحال والأحوال…وسريالية لا بل سوداوية المشهد..! دعونا نذهب للأصل.. لقرانا وأرحامنا… لنْقبل أيادي أمهاتنا ونعايدهن ونطلب الرضى والدعوات ولا ننسى أرحامنا، لنزور امواتنا ونترحم عليهم ونغبطهم الراحة التي سبقونا إليها… لندع الفرح يتنفس ولو بصعوبة بين ضباب المنغصات، افرحوا وأفرِحوا غيركم ولو بعضاً من فرح… (فالكثيراً) قد لا يأتي… والعمر يمضي… والحال المايل (قاعدلك لا يتزحزح) يجثم على الصدور (كضيف ثقيل دم) دون بارقة أمل بالتغيير…ولا تعولوا على وعود شبعنا منها… فالمُجرب لا يُجرب..! وبكل الأحوال… عيدكم سعيد…وتقبل الله الطاعات…ولا تنسوا محتاج من حصة ضحية، إذا ضحيتوا… لغرض الزفر مش أكثر… . حمى الله الأردن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى