كلاكيت عشر طعشر مرة و للمرة المليون
بقلم : المحامية بسمة العوامله
على غير المعتاد سأبدأ حديثي مباشرة و دون مقدمات ، فالحديث ذا شجون و محاولات تجميل الواقع لم تعُد تُجدي نفعاً
فبالمختصر المفيد جداً ( قوتنا في اقتصادنا ) و كل ما يقع تحت مسمى تمكين أمراه او شباب يندرج اولاً تحت بند التمكين الاقتصادي و من ثم ينطلق الى مجالات و قطاعات التمكين الاخرى سواء اكان سياسيًا او اجتماعي كذلك دعم المراة و الشباب بالوصول الى مراكز صنع القرار .
و للمرة المليون اقولها و عن قناعة تامة لو قدّر لي الكتابة و الحديث على جميع المواقع الاخبارية و في جميع الندوات و اللقاءات ، سأبدأ حديثي باقتباس الفقرة المتعلقة بالشأن الاقتصادي من مقابلة ولي العهد سمو الامير حسين ، والتي شكلت بالنسبة لي نواة الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد ،
ساقتبس حرفياً من الحديث الذي ادلى به ولي العهد حفظه الله { بعرف في ناس عنا عندهم قناعة انه الملفات السياسية هي الطريق لحل مشاكلنا ، أنا بشوف انه الحل الجذري هو الاقتصاد ، كيف متوقعين من ان الشباب يدخلوا احزاب و هم عاطلين عن العمل ، فقوتنا باقتصادنا } انتهى الاقتباس
هذا الرأي يمثلني بحذافيره
أن نتحرك بكل قوة و نضغط باتجاه تشجيع و دفع الشباب بالانخراط بالحياة السياسية و ان الفرصة مهيئة امامهم لتمثيل الشعب تحت قبة البرلمان ، هذا الطرح بعيد عن الواقعية الى حدِ ما ، لأن بطبيعة الحال فإن الفرصة الحقيقية ستكون امام أبناء الوزراء و النواب و اصحاب القرار الحاليين و السابقين بحكم تواجدهم الدائم بالقرب من دوائر و مؤسسات صنع القرار و اعتيادهم و لن اقول خبرتهم لانه مع الاسف الكثير منهم يفتقد للخبرة في مجاله فقد يكون تم تعينه بناء على حسابات و تفاهمات بعيدة عن معايير الخبرة و التخصص و الامر الآخر لأن اولويات شبابنا بالوقت الحالي هو الحصول على فرص عمل ، و في ظل شح و لن اقول انعدام توفير هذه الفرص بالاضافة الى شبه انعدام المشاريع الاقتصادية كالمصانع مثلاً فمن غير المعقول أن تظل الفرص المتوفرة مقتصره على مجرد العمل في المشاريع المتناهية الصغر
،في ظل هكذا ظروف المواطن العاطل عن العمل و غير المكتفي مادياً و لا يملك دعم مادي و معنوي لن يستطيع أن يكون فاعلاً و متفاعلاً حزبياً او منخرطاً بالحياة السياسية ، ولن يكون باستطاعته ينظم حملته الانتخابية و لن يكون لديه الاموال الكافية ليدعم هذه الحملة او حتى للقيام بجولاته لانتخابية ليطرح نفسه و برنامجه الانتخابي
بالمحصلة النهائية ستنتقل النيابة من الآباء للابناء ، بمعنى آخر و كانها اخذت شكل التوريث من الأب للابن او من الجد للحفيد ، اي أن صناعة القرار ظلت في ذات الدائرة و بين ذات العائلات التي قُدّر لها أن تظل في موقع صناعة القرار و تبوأ المناصب القيادية سواء كنائب في البرلمان او غيره من المواقع الحساسة في الدولة و في ذلك اخلال واضح بمباديء العدالة الاجتماعية و تكافئ الفرص.
فحتى نكون منصفين و واقعين يجب علينا أن لا نرفع سقف توقعاتنا كثيراً ،ومن أن هناك فرصة ذهبية للشباب بمختلف شرائحه بالوصول تحت قبة البرلمان ، الفرصة ستكون بالاغلب الاعم من نصيب المحظوظين ممن هم ابناء لنواب او وزراء او مسؤولين لديهم من الدعم المادي الكبير الذي يصل الى حد البذخ
و الخبرة الكبيرة ايضاً في كيفية ادارة حملاتهم الانتخابية عبر مختلف المدن و القرى و البوادي الاردنية، و قد يبدو لي أن ما يتناقله الشعب في احاديثم كلما سمعوا عن تعديلات وزارية او تعينات بمراكز صنع القرار من انه لا امل في أن يتبوأ احد ابناء الشعب ممن هم ليسوا من العائلات الممتهنه للعمل السياسي اصحاب الحظوة احدى هذه المناصب ، لا بل درجت على لسانهم عبارة أن ابن الوزير وزير و ابن الموظف موظف و ابن الحراث حراث ، هذه هي النظرة العامه لكثير من ابناء الوطن
اذن قد لا نبالغ اذا قلنا بأن معظم المناصب بما في فيها النيابية في معظم الاحيان ، تذهب لأبناء و احفاد ذات الدائرة المغلقة و كأننا امام اعادة تدوير او توريث او مجرد إعادة توزيع المناصب بحيث يكون احدهم قادراً و خارقاً و لديه من العلوم ما يستطيع به أن يستلم وزراة الصحة ثم ينتقل بعدها لوزارة التعليم و من ثم بقفز لوزارة الاستثمار و لو كان لدينا وزارة للذرة و غزو الكواكب لوجدته ايضاً خبيراً بها و يستطيع العبور لكافة الوزارات بطريقة احترافية قل نظيرها
فمن اين ستهب علينا رياح التغيير ، فابن الوزير سيحمل الينا رؤية ابيه ، و حفيد النائب المرشح غالباً ما سينقل الينا تجربة جده، و بالتالي كيف لنا أن نرى افكاراً و مشاريع بعقول و دماء جديدة فعلاً و ليست مجرد استنساخ ، فلكي نضمن محصولاً جيداً علينا أن نختار تربة جيدة تصلح للزراعة .
نعود الى موضوعنا الاساسي حتى تطالب و تدعوا و احياناً ندفع بالشباب دفعاً للانتساب للاحزاب و الانخراط بالحياة السياسية و الديموقراطية ، عليك انت بداية كصاحب قرار أن تمكنه اقتصادياً و توفر له فرصة عمل و دخل يستطيع به أن ينشأ اسرة تعيش حياة كريمة بعيداً عن التنظير و الاحلام الوردية، و قبل هذا و ذاك أن تعترف بوجود المشكلة اساساً و تقر بنسبة البطالة و الفقر الحقيقية في الدولة ، ولا تدعي بانها 21% وكل المعطيات و الحقائق تقول بانها اقتربت من 40٪ ، و قد سمعت حديث الاقتصادي المخضرم طلال ابو غزالة و هو يقول بان نسبة البطالة الحقيقة اعلى بكثير من المعلن عنها، ومن انه لا يوجد انسجام او شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص للخروج من الأزمة الاقتصادية ، ومن أنه لا يوجد للقطاعين اي مشروع مشترك حقيقي ، و أن الطريق الحقيقي للخروج من الازمة الاقتصادية هو عن طريق اصلاح بعض السياسات و القوانين .
و بمناسبة الحديث عن القوانين مذا بالنسبة لقانون الاستثمار لا ادري ما هي الانجازات الفارقة التي حققها على أرض الواقع ، و ماذا حققنا من مخرجات مؤتمر لندن من عام 2019 الى الان.
اما ان تحدثني عن مشاريع كبرى و نحن لدينا تراجع في اهم ثلاث قطاعات و هي التعليم و الصحة
و الزراعة فهذا لا يستقيم مع منطق الامور ، فكيف تنشأ مدينة حديثة و انت لديك مواطن غير متعلم و جائع يعاني الفقر والبطالة و صحته لا تؤهله ليكون مواطن فاعل و متفاعل و كيف نريد ان نحجز لنا موقع مهم على خارطة التطور الحاصل في منظومة الذكاء الصناعي و التقدم التقني و التكنولوجي و نحن لا زالت مناهجنا تُدرس بطرق اكل الزمان عليها و شرب ، فحتى تحقق التطوير و التمكين عليك أن تبدأ من اسفل الهرم و تصعد الى أن تصل القمة و ليس العكس
فالاولويات واضحة وضوح الشمس.
و فعلياً من اجمل ما سمعت عندما قال سمو الامير ولي العهد من أن اولويتنا الاقتصاد و من أن قوتنا في اقتصادنا .
هذا الاقتصاد لا يحتاج لترجمة الكلمات و إنما يحتاج لترجمة الرؤية الى إنجازات ، و جل هذه الاهداف تتحقق عندما تهتم الحكومة و تسخر جهودها للنهوض بقطاع التعليم الصحة و الزراعة ، فنحن كمواطنين لا نريد منهم سوى الاهتمام و الانجاز بهذه القطاعات الثلاث و ما دون ذلك يأتي تباعاً
و كفى الله المؤمنين شر القتال.و هل نحتاج أن نُعيد و نكرر عشررطعشر مرة و للمرة المليون ماذا نريد و الى ماذا نطمح .