إيران “وإسرائيل ” وبالعكس “1”
بقلم : ممدوح النعيم
منذ العام ١٩٨٩ وهناك مقولات ومؤشرات تقول ان إيران وإسرائيل ترتبطان بعلاقات متينة على كافة الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ،وأن الخلافات التي تبدو على الساحة ما هي إلا أدوار متفق عليها بين الجانبين، وهنا يستدعي المنطق التدخل للوقوف على حقيقة العلاقة الإيرانية الإسرائيلية بعيدا عن التحليلات العاطفية .
البيانات والمواقف التي تصدر من قبل الجانبين تشير الى وجود خلافات ومواقف عدائية بسبب البرنامج النووي الإيراني الذي ترى فيه إسرائيل خطرا على وجودها، بل يتعدى الموقف ليصل إلى دعم إيران ومساندتها لفصائل وتنظيمات مسلحه تعمل على مواجهة إسرائيل عسكريا مثل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في غزة وجماعة أنصار الله في اليمن إضافية إلى دعم العديد من اتباعها في العراق.
هنا تسقط مقولة ان هناك اتفاقات مبرمجة لإدارة الصراع بين الجانبين فالصراع هنا قائم على أسباب جوهرية اهم هذه الأسباب المشروع النووي الإيراني وبالدرجة التالية المرجعية الأيديولوجية لإيران وهي مرجعية دينية تقوم على المذهب الشيعي، وكانت إيران بعد الثورة الإسلامية أعلنت موقفا معاديا لإسرائيل .
إيران التي تغض النظر عن بعض الاتهامات أو المقولات بأنها صديقة، إسرائيل في السر وعدوتها في العلن ، قد تكون راضية عن هذا الطرح الذي تستخدمه كاداة من أدوات الضغط السياسي على إسرائيل واظهارها اي إسرائيل بأنها تخدع شعبها وان هناك اتفاقيات سرية مبرمة بين الجانبين فيما يتصل بالمشروع النووي الإيراني أو تمدد إيران في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وان في ذلك مصلحة مشتركة للجانبين .
لا بد للفكر العربي أن يضع حدا لنظرية المؤامرة التي تقول ان إسرائيل وإيران أصدقاء في السر أعداء في العلن لان في ذلك مصلحة لإيران واسرائيل معا للابقاء على شغلة الحرب النفسية والسياسية والاقتصادية مشتعلة بين العرب وايران.
تستفيد إسرائيل من هذا الطرح أيضا عبر ادعائها أنها تحمي العرب من الخطر الإيراني ،لذلك لا نشاهد مواقف رسمية متشددة اتجاه العدوان الإسرائيلي على غزة باستثناء الموقف الرسمي الأردني الذي يعبر عنه جلالة الملك عبداللهالثاني ووزير الخارجية الصفدي بسبب ان هناك من يرى ان محاربة إسرائيل لحماس هي حرب على إيران.
الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة ، والهجمات المتكررة على شمال لبنان وضرب القواعد العسكرية لجماعة أنصار الله في اليمن، وضرب القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا عمليات عسكرية في حقيقة أمرها تسعد إيران ليس على خلفية ادعاءات البعض وجود اتفاق وتنسيق مسبق مع إسرائيل إنما لان الأعمال العسكرية الإسرائيلية تساهم في كسب إيران المزيد من التعاطف معها ويجعل سلوكياتها ومواقغها محل تقدير واعجاب لدى الرأي العام وبذلك تحقق ايران اهم اهدافها باقل الخسائر من خلال اعمال عدوانية قامت بها اسرائيل نيابة عن ايران لذلك نسمع عن وجود اتفاقيات وعلاقات سرية بين ايران واسرائيل رغم عدم وجود ذلك عمليا .
كلما اقدمت إسرائيل على ارتكاب أعمال عسكرية ضد إيران أو ضد الفصائل التي تدعمها كلما زاد التعاطف مع الموقف الإيراني، وربما تتمنى إيران مزيدا من الاعتداءات عليها لأنها بذلك تصل إلى مرحلة إقناع الرأي العام بأنها البديل الوحيد القادر على مواجهة إسرائيل وتحرير الأرض والانسان والمقدسات ، وبعدها تخرج المسيرات الشعبية التي ترفع الشعارات الإيرانية العقائدية منها والسياسية على أساس أن إيران دولة مساندة للشعوب المضطهدة من قبل الغرب والصهيونية .
الذكاء الإيراني يعمل ضمن مسافة بعيدة المدى والنفس الطويل بينما إسرائيل والغرب يسعون إلى وقف أو تدمير المشروع النووي الإيراني عبر المفاوضات والصفقات السرية والعلنية وذلك لضمان أمن وسلامة إسرائيل فإن إيران وعبر اذرعها العسكرية في اليمن ولبنان ودعم حماس تستمر في مواجهة إسرائيل عسكريا ، وما الرد الإسرائيلي باغتيال الشهيد هنية على الأراضي الإيرانية الا جزء من مشهد المعركة الجارية في غزة وشمال لبنان وهو ما يحقق مزيدا من النقاط الإيجابية لصالح إيران أمام المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع العالمي والشارع العربي وهنا تظهر إيران بمظهر البرىء المستهدف من الجميع. .
الغرب ومعه أمريكا غير معنيين بنصدير مبادئ وأهداف الثورة الإيرانية همهم الأساسي ضمان أمن إسرائيل الذي هو ضمان لمصالحهم الاقتصادية خاصة منابع النفط ، أيضا ضمان استقرار الوضع السياسي في دول الخليج من المخاطر الإيرانية واطماعها التي قد تصيب مصالحها خاصة وان الغرب وامريكا لم يصلوا إلى اتفاق نهائي حول المشروع النووي الإيراني، ومرة أخرى الغرب غير معني بمبادئ اي ثورة الا في حالة أن أصابت أو تصيب مصالحهم وفي حال ضمان تلك المصالح فإنها تتجاوز عن أي حراك ثوري أو سياسي يضمن مصالحها.
لذلك تعد الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر اهتماما بموضوع المشروع النووي الإيراني وليس باي مشروع اخر. ويأتي دعمها لإسرائيل من باب دعمها لمصالحها،فاسرائيل تشكل أولوية بالنسبة لمصالحها تفوق تحالفاتها مع أي دولة أخرى بسبب تبادل وتطابق المصالح الأمريكية الإسرائيلية أمريكا همها الرئيسي المحافظة على منابع النفط وتدفقه إضافة إلى حماية وجود إسرائيل الراعي الأصيل للمصالح الأمريكية، اما قصة تصدير الثورة الإسلامية ومبادئها التي تقوم على التشيع فهي في آخر اولويات الغرب وامريكا وان اتخذت من ذلك غطاء لاقناع العرب بأن ايران تسعى إلى إحلال مذهب التشيع محل المذهب السني ولذلك نرى أن الصراع بين إيران والغرب وامريكا وإسرائيل قائم على أساس المصالح وليس على اساس عقائدي.
بينما يقوم الصراع بين إيران والعرب على نهج مذهبي ويتم استحضار الأحداث من لحظات تاريخية مضى عليها قرون طويله.
في عالمنا العربي نحتاج إلى إعادة النظر بمواقفنا من الاخر وفق ما يتوافق مع مصالحنا ، وأن نحدد الأدوات والادوار التي تحمي مصالحنا وان لا ندع الآخر من يحدد من هو عدونا وكيفية مواجهته ، مطلوب عربيا أيضا أن نحدد الطريقه والمكان والزمان التي نتصدى فيه سياسيا أو عسكريا على من يتطاول على أمننا وتاريخنا وعقيدتنا بعيد عن مذاهب التعصب والتطرف والإرهاب واستثمار الدين لغايات لا علاقة بها بالدين.
أمريكا حاضرة في الشرق الأوسط بكل التفاصيل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية وهي دولة عظمى لها مصالحها التي تدافع عنها ولها تحالفاتها التي ترى فيها ضمانة للمحافظة على مصالحها لذلك تتوقف أمريكا عند مصالحها الأساسية وليس عند المصالح الطارئة التي قد تتوقف عندها من باب الاستطلاع والعلم بالشيء فهناك بالسياسة الأمريكية القيم الجوهرية الثابتة التي لا تتبدل ولا تتغير بتغير الحكومات جمهورية أو ديمقراطية فالقسم الدستوري يتناول حماية أمريكا والدفاع عنها ، ومن المنطلق الدستوري فإن جميع مؤسسات الإدارة الأمريكية تنهض لخدمة المصالح الأمريكية عبر مختلف الأدوات العسكرية والاستخبارية والاقتصادية، وانطلاقا من هذا الواقع والندية بالعلاقات ما بين الدول علينا تحديد موقفنا وإظهار اولوياتنا وأن تتوقف عند حدود مصالحنا أسوة بالدول التي تقوم بذلك.
إيران ترى نفسها صاحبة مشروع ديني وسياسي وتاريخي لذلك تسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف التي ترى فيها تتويجا لتطلاعاتها وطموحاتها التاريخية وهي تطلعات تقوم على إقصاء الآخر والأحلال مكانه عقائديا وسياسيا واقتصاديا من خلال الغاء الآخر بشكل نهائي وما قصة الظهور بمظهر الدولة الراعية للمقاومة ورفعها شعارات تحرير الأرض والانسان الا وسيلة لتحقيق الغايات والأهداف التي تبنتها منذ حكم الخميني. متى يكون لنا كعرب موقفنا الموحد وهدف واحد نسعى إليه اسئلة عديده مساحتها على امتداد مساحة الوطن العربي.