الحرب الإعلامية الصهيونية أشد فتكا من الحرب العسكرية… “حرب الإشاعة الحرب الحديثة “
بقلم: الدكتورة دانيلا القرعان
يعتقد البعض أن الحرب العسكرية هي أكثر الوسائل المتاحة لبسط نفوذ دولة على دولة أخرى وسيطرتها واستعمارها واحتلالها، لو كان هذا الأمر صحيحا لنجحت الولايات المتحدة الأمريكية في السيطرة العسكرية على أفغانستان خلال عشرون عاما من الحرب العسكرية التي خرجت منها القوات الامريكية مهزومة. إذن الحرب العسكرية ليست الوسيلة الأهم لبسط النفوذ وتفكيك مساحة الدولة، وإحباط الإرادة والعزيمة وزعزعة الثوابت الوطنية والقومية واحتلال دولة معينة والسيطرة عليها، بل الأكثر والأشد تعقيدا وفتكا وتأثيرا هي الحرب الإعلامية أو الحرب النفسية أو الحرب التأثيرية أو حرب الجواسيس أو الحرب الحديثة أو حرب الإشاعة أو حرب الكلمة أو حرب غسيل الدماغ أو حري المعتقد أو الحرب الباردة أو الحرب السياسية أو حرب الاعصاب، فجميع هذه المسميات لهذه الحرب غير العسكرية تندرج تحت مسمى ” سيطرة دولة على دولة أخرى عن طريق تحطيم الروح النفسية والمعنوية وفقد الثقة وتصديق الروايات الكاذبة التي تهدف لزعزعة الثوابت في دولة معينة، وتدرج تحت مسمى الاستخدام المخطط والمدبر لأحداث معينة ومعده سلفا للتأثير على سلوك ورأي معين لجماعات مختلفة تهدف لتغيير معتقد هذه الجماعات لخدمة أهداف دولة معينة وهو ما يعرف باستخدام علم ” النفس السيكولوجي” بتناول المناورات السياسية والمقاطعات الاقتصادية والاشاعات الممنهجة والدعايات المغرضة، وكل ذلك من أجل السيطرة على عقول الشعوب والتأثير على معتقداتهم وإحباط همم السكان.
“الحرب النفسية أشد إيلاما وأقل تكلفة” تعد الحرب النفسية أحد أهم الأركان الأساسية في الحرب الشاملة التي يقودها العدو الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، وتبدع الحكومة الاسرائيلية في حرب الدعاية والشائعة بحيث تعد وسيلة أشد فتكا وأقل تكلفة على الحكومة الصهيونية الممنهجة. للأسف ما زال العرب في سبات عميق، والعدو الصهيوني يحاول جاهدا ويعمل بسرعة فائقة أن لا يفيق العرب من سباتهم فإذا استفاقوا ونهضوا من غيبوبتهم ووقعت بإيديهم تلك الوسائل وعوفوا أساسها، عندئذ لا تفيد المساعدات الامريكية والدعم الأمريكي والبريطاني والألماني، وسيقف العرب جميعا أمام أفضل الوسائل والأسلحة التي تستخدمها إسرائيل. الحرب الإعلامية تضر كثيرا بصمود الشعب الفلسطيني وتخدم العدو الصهيوني كثيرا، وهذه الحرب الحديثة أحد أهم ركائزها الاعلام كالصحفة والانترنت والقنوات الفضائية وغيرها من الوسائل الإعلامية المختلفة.
“إشاعة الخوف وإشاعة الأمل وإشاعة الحقد” يصنف علماء النفس السيكولوجي الاشاعات الى ثلاث أنواع الخوف والامل والحقد، والإشاعة تسري دائما في عقول وأجساد الشعوب ضعيفة الاعصاب التي أنهكتها الحروب وويلات الحروب وتسري بعقولهم كسريان النار في الهشيم، وما يؤكد أن الحرب النفسية أكثر تأثيرا وخطورة من الحرب العسكرية؛ لأنها تستخدم أساليب غير ملموسة تصيب العقل والاعصاب ومعنويات الشعوب ووجدانهم، وفي الاغلب يقتنع الناس بها ولا ينتبهون الى صحتها وأهدافها.
“استخدام الشائعات في الحروب نوع من أنواع التكتيكات النفسية” الشائعات تسبق الحروب عادة وهنالك أمثلة كثيرة على ذلك مثل الأكاذيب التي نشرتها أمريكا قبيل احتلال العراق وأفغانستان، ومثلما حدث مع اليهود في ترويجهم للهولوكوست هي ليست كما وصفوها وإنما لاستخدامهم أسلوب الشائعة مع إعلام جيد، استطاعوا أن يقنعوا كثيرا من البلدان بصحتها، وقيام حكومة العدو الإسرائيلي وصحافته ببث محاولات التشكيك بوحدة الشعب الفلسطيني وبث الفرقة للوصول الى انهاء الانقسام وفك حكومة الوفاق الوطني، وفبركة الانقلاب على السلطة الوطنية الفلسطينية من قبل حماس.
” مكافحة نشاط الطابور الخامس ” تتقن إسرائيل الحرب النفسية وتتقن عملية الخداع وحرب الكيان على الشعب الفلسطيني، والتأثير على صمود الفلسطينيين ومحاولة كسر إرادتهم وصمودهم، ولا بد من مواجهة الحرب الإعلامية لتفويت الفرصة على المتربصين بالشعب الفلسطيني الطابور الخامس سلاح فعال لتحطيم كيان الأمم من الداخل اضعافها وتفتيت شملها بالإشاعات لإثارة الفتن بين صفوف الشعوب. هذا النوع من الحروب يجب مكافحته بشدة واتخاذ التدابير لوقفه بالتنسيق مع الاعلام الصادق التي تقع عليه مسؤولية كبيرة في كشف إشاعات العدو المحل.